نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما يحدث في مستشفى الثورة سينقلب على الحوثي.. لن تصدق من يتحكم في أموال المرضى! - كورة نيوز, اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025 12:40 صباحاً
انزلقت إدارة مستشفى الثورة العام، أكبر المراكز الطبية في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، إلى حالة من الشلل الإداري والخدمي الجزئي، إثر صراع داخلي محتدم بين قيادات بارزة في الجماعة على السيطرة على مناصب القرار والإيرادات، في تطور يُعدّ أحدث تجليات الانهيار المؤسسي والفساد الإداري الذي تعيشه المؤسسات الخدمية في مناطق نفوذ الجماعة.
وأفادت مصادر طبية وناشطون موالون للجماعة بأن الخلاف بلغ ذروته بين أحمد غالب الرهوي، رئيس ما تُعرف بـ"الحكومة الانقلابية غير المعترف بها"، وعبد الكريم شيبان، المعيّن وزيراً للصحة في سلطة الأمر الواقع، بعد أن أصدر كل منهما قراراً منفصلاً بتعيين رئيس جديد للهيئة الإدارية في مستشفى الثورة، في محاولة لفرض نفوذه على واحدة من أكثر المؤسسات الصحية إيراداً في العاصمة صنعاء.
وأدى هذا التنازع على المناصب إلى شلل جزئي في العمل الإداري والتمريضي داخل المستشفى، حيث توقفت بعض الأقسام الحيوية، كأقسام الطوارئ والجراحة، عن استقبال المرضى بشكل طبيعي، فيما تعذر على كثير من الكوادر الطبية مواصلة مهامها بسبب التوترات الأمنية والإدارية المتصاعدة داخل المنشأة.
صراع على "الختم ومفاتيح الإيرادات"
في تصريحات لعدد من الأطباء العاملين في المستشفى، طالبوا بعدم الكشف عن أسمائهم خوفاً من الانتقام، أكدوا أن الصراع لا يدور حول تحسين الخدمات أو معالجة تردي الوضع الصحي، بل حول "من يضع يده على ختم الإدارة، ومن يتحكم بمفاتيح الإيرادات اليومية للمستشفى".
وأشار الأطباء إلى أن "الصراع لم يعد خفياً، بل بات معلناً بين أجنحة داخل الجماعة، كل منها يسعى للاستحواذ على مورد مالي ضخم، بينما يدفع المرضى والكادر الطبي الثمن".
نهب منظم وتجويع للمرضى والكوادر
ووفق شهادات متعددة لعاملين في المستشفى، فإن الجماعة الحوثية، منذ سيطرتها على المرفق في 2014، حوّلت مستشفى الثورة إلى "مصدر دخل مباشر"، حيث تُستأثر بإيرادات الخدمات الطبية العالية، وتُوجَّه نحو تمويل المجهود الحربي أو دعم النخبة القيادية، بينما يُحرم الكوادر الطبية من رواتبهم ومستحقاتهم منذ أشهر، في ظل تدهور حاد في ظروفهم المعيشية.
كما كشف العاملون عن "فرض رسوم باهظة على المرضى تفوق طاقتهم المادية، خاصة في أقسام التنويم، وعمليات القلب المفتوح، والعلاجات النفسية"، في وقت تشهد فيه الأوضاع الاقتصادية في مناطق سيطرة الجماعة انهياراً غير مسبوق، وتُقدّر نسبة الفقر بأكثر من 80% بحسب تقارير دولية.
وأضاف ممرضون أن "الرسوم التي كانت تُدفع سابقاً بضعة آلاف من الريالات، أصبحت اليوم تصل إلى مئات الآلاف، فيما تُقدّم الخدمات بجودة متدهورة، ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية".
دعم مالي لا يصل إلى المرضى
ورغم أن مستشفى الثورة يتلقى دعماً مالياً منظمات دولية، ويُعدّ من أكثر المستشفيات استفادة من التمويل الخارجي، فإن العاملين يؤكدون أن "هذه الموارد لا تُستخدم لصالح المرضى أو تطوير الخدمات، بل تُستحوذ عليها الجماعة وتُحوّل إلى حسابات خاصة، أو تُستغل لدعم النشاطات العسكرية والأمنية".
وأشارت مصادر طبية إلى أن "المستشفى يفتقر اليوم إلى أبسط مقومات الرعاية الأولية، ولا توجد أدوية لعلاج الأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع الضغط، كما أن أجهزة الأشعة والتحاليل الطبية تعاني من التوقف المتكرر بسبب نقص الصيانة والقطع".
احتجاجات متكررة تُقمع بالطرد والتهميش
وخلال السنوات الثلاث الماضية، شهد المستشفى سلسلة من الوقفات الاحتجاجية نفذها الأطباء والممرضون، مطالبين بصرف رواتبهم المتأخرة، ووقف ما وصفوه بـ"النهب المنظم لموارد المستشفى"، ومحاسبة المتورطين في الفساد.
وأكد مشاركون في الوقفة الأخيرة، التي جرت قبل أسابيع، أن "الإدارة الحوثية استجابت بالقمع، حيث تم طرد عدد من الموظفين تعسفاً، ومنع آخرين من دخول المبنى، وتم تهميش الكفاءات الطبية لصالح عناصر موالية للجماعة، لا تمتلك المؤهلات العلمية أو الخبرة الكافية".
غضب شعبي واتهامات بالاستهتار بحياة المواطنين
في المقابل، أثار هذا التدهور في الخدمات الصحية موجة غضب شعبي واسعة، خاصة بين أهالي صنعاء، الذين اعتبروا أن "الصراع على المناصب والإيرادات يُعبّر عن استهتار واضح بحياة المواطنين"، في ظل تفشي الأمراض والوباء مثل الكوليرا والملاريا، وتفاقم أزمة الأدوية.
وطالبت منظمات حقوقية محلية، في بيانات سابقة، بتحقيق مستقل في مصادر تمويل المستشفى، ومحاسبة المسؤولين عن تجويع الكوادر الطبية ومنعهم من أداء واجبهم الإنساني.
توقعات بتفاقم الأزمة
مع استمرار الصراع الداخلي بين قيادات الجماعة، يُتوقع أن تتفاقم أزمة مستشفى الثورة، خصوصاً مع غياب أي وساطة فاعلة أو آلية تنظيمية قادرة على حسم النزاع. وتشير التقديرات إلى أن توقف الخدمات في هذا الصرح الطبي، حتى ولو جزئياً، قد يُعرض حياة آلاف المرضى للخطر، في وقت تُعدّ فيه المرافق الصحية البديلة شبه معدومة في مناطق سيطرة الحوثيين.
ويُنظر إلى هذه الحالة كنموذج صارخ لانهيار الدولة الموازية التي تحاول الجماعة بناءها، حيث تُدار المؤسسات الخدمية كمغانم سياسية ومالية، بينما يدفع المواطنون الثمن في صحتهم وحياتهم.
0 تعليق