روسيا تعيد تموضعها في سوريا.. دعم بلا وصاية؟ - كورة نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
روسيا تعيد تموضعها في سوريا.. دعم بلا وصاية؟ - كورة نيوز, اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025 05:50 صباحاً

فبعد سنوات من التدخل المباشر دفاعا عن النظام السابق، تطرح موسكو اليوم نفسها كشريك لسوريا الجديدة، لا كوصيّ عليها، وتعرض علاقاتها على قاعدة: "الدعم مقابل الشراكة، لا الحماية مقابل التبعية".

وشكلت زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى موسكو، والتي تُعد الأولى من نوعها منذ تولّي الإدارة الجديدة في دمشق، محطة محورية في مسار العلاقات الثنائية.

ولم يخفِ الوزير الروسي سيرغي لافروف رغبة بلاده في أن يُشارك الرئيس السوري أحمد الشرع في القمة الروسية – العربية المرتقبة في أكتوبر، فيما حمل الشيباني إلى الكرملين رسائل واضحة عنوانها: "سوريا تريد بداية صحيحة تقوم على الاحترام، والتعاون، لا على إرث الاتفاقات غير المتوازنة".

شراكة استراتيجية... لا امتيازات مجانية

أكد الشيباني أن بلاده تعمل على إعادة تقييم شاملة لكل الاتفاقات السابقة التي وقّعتها موسكو مع نظام بشار الأسد، سواء في المجال العسكري أو الاقتصادي أو الأمني.

هذه المراجعة، كما أوضح الشيباني، تهدف إلى "صياغة مستقبل العلاقة السورية – الروسية وفق مصالح الشعب لا ضمانات النظام".

و لم تأتِ زيارة الشيباني لموسكو وحيدة، فقد تزامنت مع زيارة وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة أيضا، في خطوة تعكس تسارعا في الملفات العسكرية والأمنية بين الطرفين، وعلى رأسها مستقبل القواعد الروسية في سوريا، والتي كانت محل انتقاد واسع من المراقبين بسبب غياب أطر زمنية واضحة أو مقابل اقتصادي أو سياسي معلن.

اتفاقات الأسد لا تلزم الدولة السورية

قال المحلل السياسي والكاتب السوري عباس شريفة، في مداخلة له عبر برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، إن زيارة الشيباني تُعدّ "نقطة تحول حقيقية في العلاقة بين دمشق وموسكو"، لأنها تنتقل بالعلاقة من منطق الحماية إلى منطق الشراكة.

وأضاف شريفة: "روسيا دعمت سوريا بعد سقوط نظام الأسد، وامتنعت عن دعم بقايا النظام في معارك خاسرة، بل أقنعته بالانسحاب حفاظا على الدم السوري. اليوم، موسكو ليست بصدد وصاية بل تبحث عن مصالح مشتركة، وهي تتبنى موقفا داعما لوحدة الأراضي السورية ورافضا للمشاريع الانفصالية".

لكن شريفة حذر أيضا من استمرار بعض "فلول النظام السابق" في العبث بالمشهد السوري، واعتبر أن دور موسكو يجب أن يكون ضامنا لاستقرار سوريا لا مكرّسا لامتيازات منتهية الصلاحية.

الأقليات: مشاركة لا محاصصة

إحدى أبرز القضايا التي طُرحت في موسكو كانت مسألة تمثيل الأقليات، خصوصا الأكراد، في الحكومة السورية الجديدة.

ودعا لافروف علنا إلى تمثيل الكُرد ضمن مؤسسات الدولة، إلا أن دمشق، وفقا لتصريحات شريفة، تُفرّق بين التمثيل السياسي العادل والمشاركة الطائفية أو العرقية.

وحول ذلك قال شريفة: "نحن نرفض المحاصصة على الطريقة اللبنانية أو العراقية. التجربة أثبتت فشلها في تحقيق الاستقرار. المشاركة يجب أن تُبنى على الكفاءة، ضمن دولة موحدة، لا على كوتا طائفية أو قومية".

وفي تطور إيجابي، كشف شريفة عن لقاء تم مؤخرا بين مسؤولين سوريين وقائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، تضمن طرحا واضحا لضرورة العودة إلى سيادة الدولة، ورفض الفدرالية أو تشكيل قوات موازية للجيش السوري.

القواعد الروسية: من الامتداد العسكري إلى الشفافية السياسية

شكّلت مسألة القواعد الروسية في سوريا أحد أكثر ملفات التعاون حساسية، فبحسب شريفة، فإن الاتفاقات التي وُقعت سابقا تمنح روسيا وجودا مفتوح الأمد على الأراضي السورية "دون سقف زمني، ودون وضوح في المهام أو الحدود".

وتابع قائلا: "هذه القواعد تحوّلت فعليا إلى جزء من الأراضي الروسية، ولا يُعرف إن كانت ستُستخدم ضد حلفاء سوريا أو خصومها. ما هي مهمتها؟ هل هي للدفاع عن سوريا أم للضغط على الأوروبيين؟ يجب إعادة صياغة هذه الاتفاقات وفق المصالح الوطنية السورية".

كما طالب شريفة بأن تُربط هذه القواعد بمقابل واضح، كالتسليح أو تدريب الجيش السوري، لا أن تبقى مجرد امتيازات ممنوحة بلا ضوابط.

لا استقرار بلا توحيد الجغرافيا

مصادر سورية كشفت لـسكاي نيوز عربية عن تحضيرات لتشكيل حكومة سورية موسعة تمثل مختلف الطوائف والمناطق، إلا أن شريفة دعا إلى التمهل في هذا المسار، مؤكدا أن أي توسعة سياسية يجب أن تسبقها عملية توحيد للجغرافيا السورية.

وأوضح: "لا يعقل أن تكون هناك إدارة ذاتية في الشمال، وخلايا فوضوية في الجنوب، ثم نأتي لنبحث عن شراكة في دمشق. يجب أن يكون هناك وطن موحد قبل أن نتحدث عن حكومة جامعة".

وفي المقابل، يرى شريفة أن إسرائيل تحاول فرض أمر واقع جديد في الجنوب السوري، وتسعى لتحويله إلى "مجال أمني إسرائيلي"، مستخدمة ملف نزع السلاح كورقة ضغط، مضيفا أن "الحديث عن نزع السلاح في الجنوب هو حديث عن خلق فراغ أمني. ما هي القوة التي ستملأ هذا الفراغ؟ هل يعني ذلك تسليم المنطقة لإسرائيل؟ الدولة السورية واقعية، نعم، لكنها لا تقبل اتفاق إذعان".

واقترح شريفة العودة إلى اتفاقية فصل القوات لعام 1974، وربما إشراك قوات أميركية كضامن في المنطقة العازلة، طالما أن واشنطن تُعد جهة مقبولة للطرفين.

سياسة خارجية براغماتية… وزيارات مرتقبة

شدد شريفة على أن الرئيس السوري أحمد الشرع بات يحظى بانفتاح إقليمي ودولي غير مسبوق، وأن هناك رغبة عربية وغربية في المساهمة في بناء الاستقرار السوري، بما في ذلك دول الخليج، والولايات المتحدة، وأوروبا.

وألمح إلى زيارة محتملة للرئيس الشرع إلى واشنطن في سبتمبر المقبل، معتبرا أن هذا الانفتاح يعكس نهاية مرحلة وعُقدة الأسد، وبداية عهد جديد قائم على المصالح لا الأوهام الأيديولوجية.

وختم شريفة قائلا: "لا توجد تحالفات دائمة بل مصالح دائمة. والواقع يقول إن سوريا اليوم تُعيد تموضعها، وروسيا أيضا".

دعم بلا وصاية؟

ما تشهده العلاقات السورية – الروسية اليوم لا يمكن وصفه إلا بـ"إعادة تموضع حذرة".

دمشق تريد تحالفا ناضجا ينقذ الاقتصاد والسيادة، وموسكو تريد الحفاظ على نفوذها دون عبء نظام فاقد للشرعية.

وبين هذا وذاك، تبقى الأسئلة الأهم: هل ستحترم روسيا استقلال القرار السوري، وهل تستطيع سوريا فرض أجندتها الوطنية دون أن تفتح أبوابها مجددا لوصايات متجددة؟

الجواب يتوقف على ما سيلي زيارة الشيباني، وعلى ما سيُنجز قبل أن يحل أكتوبر وقمة موسكو العربية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق