إعادة الإنضباط لـ"شريان العاصمة".. "الطريق الإقليمى" يدخل مرحلة رفع الكفاءة والصيانة للتصدى للحوادث والمحافظة على أرواح المواطنين - كورة نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إعادة الإنضباط لـ"شريان العاصمة".. "الطريق الإقليمى" يدخل مرحلة رفع الكفاءة والصيانة للتصدى للحوادث والمحافظة على أرواح المواطنين - كورة نيوز, اليوم السبت 12 يوليو 2025 11:13 مساءً

 

النقل والمرور يتدخلان بخطة شاملة لتأمين أطول طرق الشرق الأوسط.. وملاحقة قانونية للمخالفين على مدار الساعة

 

 

في ظل التزام الدولة المصرية المتزايد برفع كفاءة شبكات الطرق وضمان أعلى معدلات الأمان المروري، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأسبوع الماضى، توجيهًا عاجلًا للحكومة بضرورة دراسة غلق الطريق الدائري الإقليمي مؤقتًا في المناطق التي تشهد أعمال رفع كفاءة وصيانة، مع ضرورة وضع بدائل مناسبة وآمنة تضمن استمرار حركة المرور، وتقلل من الحوادث، وتحافظ على أرواح المواطنين، وذلك حتى الانتهاء الكامل من تلك الأعمال الحيوية.

هذا التوجيه الحاسم جاء بعد تكرار حوادث الطرق، خاصة في بعض القطاعات التي تشهد كثافة مرورية مرتفعة ومرور شاحنات نقل ثقيل بحمولات زائدة، ما يمثل تهديدًا مباشرًا لحياة مستخدمي الطريق، ويؤثر على كفاءة البنية التحتية للطريق نفسه.

شمل التوجيه الرئاسي أيضًا مطالبة وزارة الداخلية باتخاذ الإجراءات القانونية الحازمة ضد المخالفين، مع تكثيف الجهود المرورية والرقابة الميدانية لضبط السرعة، والحمولات، والانضباط العام على الطريق.

واستجابة لهذا التوجيه، قام الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، بزيارة ميدانية إلى قطاعات الطريق الدائري الإقليمي، برفقة قيادات وزارة النقل وعدد من كبار مسؤولي وزارة الداخلية وقيادات المرور، بالإضافة إلى نخبة من أساتذة الطرق وهندسة المرور من جامعات القاهرة وعين شمس والزقازيق، وممثلي الهيئة العامة للطرق والكباري.

شملت الزيارة معاينة تفصيلية للمسافة الممتدة من تقاطع الطريق الدائري الإقليمي مع طريق القاهرة – السويس الصحراوي وحتى تقاطعه مع طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي، وذلك بهدف دراسة البدائل الفنية والمرورية الممكنة خلال فترة تنفيذ أعمال الصيانة، بما يُحقق أعلى معدلات الأمان، ويمنع أي اختناقات أو كوارث مرورية محتملة.

وفي أعقاب الزيارة، عقد وزير النقل جلسة نقاشية موسعة ضمّت كافة الأطراف المعنية، وعلى رأسهم الخبراء والاستشاريون الهندسيون، الذين أكدوا في مناقشاتهم أن تصميم وتنفيذ الطريق الدائري الإقليمي سليم من الناحية الفنية، ولا توجد به نقاط ضعف إنشائية، لكن الحاجة إلى الصيانة ناتجة عن تأثير الاستخدام المكثف من قبل الشاحنات ذات الحمولات الزائدة التي تفوق الحدود التصميمية في بعض المناطق.

وبحسب ما أكده الخبراء، فإن الطريق تم البدء في تنفيذه منذ عام 2012، وأُنجز على مراحل حتى اكتمل عام 2018، ما يعني أن بعض قطاعاته أصبحت تحتاج إلى صيانة جسيمة، خاصة تلك التي تتعرض لضغط الشاحنات، وقد أوصت اللجنة الاستشارية بضرورة تنفيذ الرصف الخرساني في هذه القطاعات لأنه أكثر قدرة على تحمل الحمولات، وتتوفر خاماته محليًا، ما يُخفف العبء الاقتصادي ويعزز الاستدامة.

وفي خطوة تنفيذية مباشرة، تقرر غلق الاتجاه القادم من تقاطع الطريق الدائري الإقليمي مع طريق الإسكندرية الصحراوي وحتى تقاطعه مع طريق السويس الصحراوي بشكل كلي بشكل مؤقت لدعم وتحديث وسائل التحكم المروري، وصيانة التحويلات المؤقتة، وزيادة العلامات التحذيرية والإرشادية، فضلًا عن مراجعة حركة الكثافات المرورية على الطرق البديلة لضمان عدم وقوع ازدحام أو تعطيل.

وأكدت الإدارة العامة للمرور أنها ستواصل دعم الطريق بالخدمات المرورية اللازمة، بالتزامن مع استمرار حملات الكشف عن تعاطي المخدرات، كجزء من سياسة شاملة لتعزيز الأمان على الطرق والحد من الحوادث الناتجة عن السلوك البشري غير المنضبط.

 

شريان استراتيجي للتنمية والربط

ومنذ لحظة الإعلان عن إنشائه، مثّل الطريق الدائري الإقليمي واحدًا من أهم وأضخم مشروعات البنية التحتية في تاريخ مصر الحديث، ليس فقط لأنه أطول طريق في الشرق الأوسط بطول يبلغ نحو 400 كيلومتر، ولكن لأنه أيضًا يربط بين أكثر من 15 محافظة ويختصر مسافات طويلة كانت تُستهلك في الوقت والتكلفة والوقود، ما جعله شريانًا مروريًا واقتصاديًا بالغ الأهمية.

افتُتح الطريق رسميًا في التاسع من سبتمبر  2018، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد سنوات من العمل المتواصل، وجاء المشروع في إطار الرؤية القومية لربط أطراف الجمهورية بشبكة من الطرق الذكية والمختصرة، وتخفيف الضغط المروري الهائل عن قلب القاهرة والمدن الكبرى. الطريق لم يكن فقط إضافة هندسية؛ بل هو أداة لتحويل خريطة الحركة والنقل والبضائع في مصر.

يمر الطريق بعدد كبير من المحافظات من بينها: القاهرة، الجيزة، الفيوم، القليوبية، المنوفية، الشرقية، ويعمل على تسهيل الانتقال بين محافظات الوجه البحري والوجه القبلي، دون الحاجة إلى دخول القاهرة الكبرى، ما يساهم في تقليل معدلات التلوث واستهلاك الوقود.

وقد تم تصميم الطريق ليكون بأربع حارات مرورية في كل اتجاه، مع تنفيذ كبارٍ وأنفاق متعددة، تمنع أي تقاطعات مباشرة، ما ساهم في خلق سيولة مرورية عالية وساعد على تقليل زمن الرحلة للسيارات الخاصة والنقل. كما تم مراعاة المعايير الدولية في التصميم والتنفيذ، سواء من حيث الأمان أو سعة التحمل.

أهمية الطريق لا تقتصر على خدمات النقل، بل تتعداها إلى ما هو أعمق، فقد أصبح محركًا للتنمية على جانبيه، حيث تم إنشاء عدد من المناطق الصناعية والتجارية الجديدة، وبدأت تنتقل إليه أنشطة لوجستية وخدمية كانت متركزة داخل المدن المزدحمة، ما يعكس توجه الدولة نحو إعادة توزيع الثقل العمراني والاقتصادي خارج النطاق التقليدي.

ومن هنا جاءت تسميته بـ"شريان العاصمة"، باعتباره أهم مشروع طرق في العقود الأخيرة، فالطريق لم يعد فقط ممرًا مروريًا، بل صار أداة تنموية متكاملة، تعيد صياغة علاقة المدن ببعضها البعض وتفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والخدمات.

ومع كل هذه الإنجازات، تبقى السلامة المرورية تحديًا جوهريًا، لا سيما مع الاستخدام الكثيف من الشاحنات ومركبات النقل الثقيل التي تمر عبر الطريق، وهو ما يُفسّر التوجه الرئاسي الأخير بربط رفع الكفاءة بأعمال الرقابة والانضباط.

 

السرعة الزائدة والحمولات والسلوكيات القاتلة

ورغم الأهمية ااإستراتيجية الكبرى للطريق الدائري الإقليمي، إلا أن الواقع الميداني يكشف عن مجموعة من التحديات الخطيرة التي تهدد السلامة العامة عليه، وعلى رأسها ظاهرة السرعة الزائدة والحمولات الثقيلة غير الملتزمة بالمواصفات، إلى جانب سلوكيات قيادة متهورة في ظل اتساع الطريق وانخفاض الكثافات أحيانًا.

الطريق صُمم ليكون طريقًا سريعًا وآمنًا، يضم أربع حارات في كل اتجاه، دون تقاطعات مباشرة، ولكن هذا الاتساع قد يتحول إلى مصيدة للمركبات حين يتعامل معه السائقون بلا انضباط أو احترام للقانون، خصوصًا في ظل غياب الرقابة الذكية الكافية في بعض القطاعات المفتوحة، ومع ارتفاع متوسط السرعات على الطريق، تحوّل إلى بؤرة محتملة للحوادث لا سيما بين شاحنات النقل الثقيل.

ومن بين التحديات الأبرز، تأتي الحمولات الزائدة كعامل ضغط مباشر على البنية التحتية للطريق، خاصة في ظل مرور مئات الشاحنات الثقيلة يوميًا، بعضها يتجاوز الوزن المسموح به بكثير، ما يؤدي إلى اهتراء الأسفلت وتشقق بعض القطاعات، وهو ما استدعى مؤخرًا بدء أعمال صيانة جسيمة تشمل الرصف الخرساني في القطاعات الأكثر تضررًا.

هذه التجاوزات لا تتوقف عند الآثار الفنية والهندسية، بل تتسبب أيضًا في حوادث مميتة، خاصة عند المنحنيات أو المناطق ذات الرؤية المحدودة، وقد وثقت أجهزة المرور والجهات الأمنية عشرات الحوادث التي تعود إلى السرعة الزائدة، أو انفجار الإطارات، أو محاولة التجاوز الخاطئ.

أما التحدي الثالث، فهو نقص التوعية المرورية لدى شريحة من السائقين الذين لا يدركون طبيعة الطريق أو لا يلتزمون بقواعد السير، فنجد بعضهم يقود شاحنات تفتقر إلى الصيانة، أو يتعاطى مواد مخدرة خلال القيادة، ما يشكل قنبلة موقوتة تهدد كل من على الطريق.

وتحاول الدولة احتواء هذه المخاطر عبر تكثيف الحملات المرورية، ونشر الرادارات المحمولة والثابتة، وإجراء تحاليل تعاطي المخدرات للسائقين، إلا أن الضغط الهائل على الطريق وامتداده الجغرافي الواسع يجعلان هذه الإجراءات غير كافية دون وعي مجتمعي ومشاركة من السائقين أنفسهم.

ولهذا، فإن توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة، والتي دعت إلى فرض الانضباط وتطبيق القانون بصرامة، لا تأتي فقط في إطار ردع المخالفين، بل ضمن سياسة شاملة تهدف إلى تحويل الطرق من مصدر خطر إلى عامل أمان وتنمية.

 

خريطة المداخل والتقاطعات

يمثل الطريق الدائري الإقليمي أكثر من مجرد طريق سريع؛ فهو منظومة ربط وطنية متكاملة تضم عشرات المحاور والتقاطعات الحيوية التي تصل بين قلب مصر وحدودها، وبين مدنها القديمة والجديدة، ما يجعله بمثابة العمود الفقري لشبكة النقل الحديثة في الجمهورية.

يتقاطع الطريق مع عدد كبير من الطرق الرئيسية في مصر، ما يمنحه قدرة عالية على امتصاص الكثافة المرورية وتخفيف الضغط عن الطرق التقليدية داخل المدن، خصوصًا العاصمة. من أبرز هذه التقاطعات: طريق القاهرة – الإسكندرية الزراعي، وطريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي، وطريق القاهرة – الإسماعيلية الزراعي، وطريق بلبيس – القاهرة، وطريق مصر – السويس الصحراوي، وطريق العين السخنة، وطريق الكريمات – حلوان، وطريق الواحات البحرية، وطريق الضبعة – العلمين.

وتمتد أهمية هذه التقاطعات إلى ما هو أبعد من النقل اليومي، إذ أنها تخدم تنقلات مركبات البضائع والسلع الإستراتيجية بين الموانئ والمدن الصناعية والزراعية، وتسهل حركة التجارة الداخلية، وتختصر مسافات تصل أحيانًا إلى أكثر من 40% من الزمن المستغرق سابقًا في التنقل بين بعض المحافظات.

وعلى طول الطريق، توجد مداخل رئيسية محورية، مثل مدخل الكيلو 43 بطريق القاهرة – بلبيس، ومدخل الكيلو 49 بطريق القاهرة – الإسماعيلية، ومدخل الكيلو 55 بطريق القاهرة – الإسكندرية الزراعي، ومدخل الكيلو 56 بطريق القاهرة – العين السخنة، بالإضافة إلى نقاط تقاطع مع مدينة بدر والعاشر من رمضان والشروق، وكلها نقاط ترتبط مباشرة بالمجتمعات العمرانية الجديدة.

تُظهر هذه الخريطة المعقدة من المداخل والتقاطعات كيف تحول الطريق الدائري الإقليمي إلى حلقة وصل حقيقية بين أقاليم مصر المختلفة. فهو يخدم 15 محافظة مباشرة، ويمر فعليًا عبر أربع محافظات مركزية: القليوبية، الشرقية، المنوفية، والجيزة، بداية من بلبيس وحتى تقاطعه مع طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي.

هذا الامتداد الكبير، وهذه التشابكات الاستراتيجية، جعلت من الطريق ركيزة أساسية في رؤية الدولة للتوسع العمراني والاقتصادي، فكل مدينة جديدة يُخطط لها اليوم تُراعي قربها من أحد مداخل الطريق الدائري الإقليمي أو تقاطعاته، لضمان سرعة الوصول إليها، وجذب الاستثمارات إليها بسهولة.

كما يُعد الطريق عنصرًا رئيسيًا في خطط إدارة الطوارئ، وإخلاء المدن في حالات الكوارث، أو نقل المعدات الثقيلة والسلع الحيوية بين المحافظات.

لكن هذا العمق الاستراتيجي لا يمكن أن يحقق غايته الكاملة دون الانضباط والرقابة المستمرة، خاصة مع أعمال الصيانة الجارية، والتحويلات المؤقتة، التي تستوجب أقصى درجات الحذر والتعاون بين الجهات المسؤولة والمواطنين.

الطريق الدائري الإقليمي لم يعد مشروع بنية تحتية فقط، بل صار مرآة لجدية الدولة في تطوير شبكات النقل، وإعادة توزيع التنمية، وتحقيق التكامل بين الأقاليم. ومع بدء أعمال الصيانة الجسيمة، وصدور التوجيهات الرئاسية الحاسمة، تدخل مصر مرحلة جديدة من الإدارة الواعية للموارد والإنجازات.

نجاح هذا المشروع لا يتوقف فقط على جودة الإسفلت أو كفاءة الكباري، بل على انضباط السائقين، ووعي المجتمع، وحسن الإدارة الميدانية. فالحفاظ على الأرواح يبدأ من احترام الطريق.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق