في قطاع محاصر منذ شهور، تتراجع مؤشرات الحياة أمام تصاعد مؤشرات الموت، ليس بفعل القصف فقط، بل عبر حصار يقطع الغذاء والدواء عن أكثر من مليوني إنسان.

في غزة، حيث الجوع أصبح وجهاً آخر للحرب، أعلنت وزارة الصحة أن الساعات الأربع والعشرين الماضية وحدها شهدت وفاة 11 شخصًا بسبب المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي للضحايا إلى 212 حالة وفاة، بينهم 98 طفلًا.

هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات؛ إنها قصص مأساوية تختزل حجم الكارثة الإنسانية. فوفق الأمم المتحدة، بلغ مستوى سوء التغذية الحاد بين أطفال القطاع أعلى مستوى مسجّل على الإطلاق. وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام، فرحان حق، إن أزمة الجوع تتسارع بشكل ينذر بالخطر، موضحًا أن شهر يوليو/تموز وحده شهد فحص 136 ألف طفل دون سن الخامسة، تبيّن إصابة 12 ألفًا منهم بسوء تغذية حاد، بينهم 2500 طفل يواجهون خطر الموت الوشيك.

الأرقام الأممية تكشف أن هذه النسبة تمثل زيادة بنسبة 18% مقارنة بشهر يونيو/حزيران الماضي، فيما تحمّل الأمم المتحدة القيود الإسرائيلية على توزيع المساعدات الإنسانية مسؤولية تفاقم الكارثة. فمنذ 2 مارس/آذار، أغلق الاحتلال جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مخالفًا اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في يناير/كانون الثاني، الذي نص على إدخال 600 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميًا.

هذا الإغلاق ليس سوى فصل جديد في حرب مستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث تتهم منظمات دولية إسرائيل، بدعم أمريكي، بارتكاب إبادة جماعية تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير، في تحدٍّ للنداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

حصيلة العدوان منذ 18 مارس/آذار الماضي وحده بلغت 9,862 شهيدًا و40,809 إصابات، لترتفع الحصيلة الإجمالية منذ بدء الحرب إلى 61,369 شهيدًا و152,850 إصابة، في أرقام تعكس حجم مأساة إنسانية غير مسبوقة.

غزة اليوم ليست فقط مدينة تحت النار، بل ساحة موت جماعي بطيء، حيث يُحاصر الأطفال بين شبح القصف وجدار الجوع، فيما يظل العالم عاجزًا عن كسر الطوق.