"رسوم ترامب"... فاتورة باهظة تهدد الاقتصاد الأميركي - كورة نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"رسوم ترامب"... فاتورة باهظة تهدد الاقتصاد الأميركي - كورة نيوز, اليوم الجمعة 8 أغسطس 2025 07:00 صباحاً

في سابقة لم تسجل منذ 91 عامًا، قفز متوسط الرسوم الجمركية الأميركية من 2.5 بالمئة في يناير إلى نحو 18.2 بالمئة حاليًا، بحسب تقارير اقتصادية رسمية. هذه الزيادة الحادة لا تمثل فقط عبئًا على المستهلك، بل أيضًا تعبيرًا عن تحول جذري في طبيعة السياسة التجارية الأميركية.

أرقام صادمة: خسائر في كل اتجاه

التقديرات تشير إلى أن الاقتصاد الأميركي قد يخسر هذا العام نحو 152 مليار دولار بسبب الرسوم، بينما يُتوقع أن تصل خسائر الأسر الأميركية إلى 307 مليار دولار في 2025، بما يشمل نحو 128 مليون أسرة. وفي سوق العمل، فقد أكثر من 750 ألف موظف وظائفهم منذ بداية العام، في أعلى معدل فقدان للوظائف منذ خمس سنوات. أما على مستوى الشركات، فالتكلفة لا تقل فداحة؛ حيث تجاوزت الخسائر التراكمية المتوقعة 50 مليار دولار.

ورغم حدة هذه الأرقام، يرى خبراء أن التحدي الأكبر يكمن في تسييس القرارات الاقتصادية، وتحديدًا سعي ترامب للتدخل في قرارات البنك الفيدرالي الأميركي، بل وإقالة رئيسة مكتب إحصاءات العمل، ما يهدد استقلالية المؤسسات المالية ويزعزع ثقة المستثمرين، ليس فقط داخل الولايات المتحدة، بل في الأسواق العالمية أيضًا.

الدولار... ملك العملات في مهب الريح؟

رغم أنه لا يزال يشكل 60 بالمئة من احتياطيات البنوك المركزية في العالم، ويهيمن على 90 بالمئة من معاملات النقد الأجنبي و80 بالمئة من الصفقات التجارية، إلا أن مكانة الدولار الأميركي كعملة مهيمنة لم تعد مطلقة. فبعد أكثر من 80 عامًا على تأسيس هذا النظام عبر اتفاقية "بريتون وودز"، بدأت تصدعات تظهر في الجدار.

أكثر من 70 بالمئة من البنوك المركزية تخطط لتقليص احتياطاتها من الدولار، مدفوعة بالخوف من العقوبات المحتملة كما حدث مع روسيا، بينما تتجه اقتصادات كبرى مثل الصين وروسيا والبرازيل إلى استخدام العملات المحلية في معاملاتها التجارية.

ولعل الدين العام الأميركي الذي تجاوز 37 تريليون دولار، إلى جانب اضطراب السياسة الاقتصادية، يزيدان من القلق بشأن استدامة الهيمنة المالية الأميركية.

في قلب العاصفة: صراع بين السياسة والنقد 

قال طلال العجمي، الرئيس التنفيذي لشركة VI Markets، في مقابلة مع برنامج "بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية، إننا دخلنا مرحلة جديدة من العلاقة المتشابكة بين السياسة النقدية والسياسة الانتخابية، وأضاف: "ترامب بدأ يضغط على الفيدرالي لخفض الفائدة، والفيدرالي يحاول أن لا يبدو خاضعًا للضغوط، لكنه لا يستطيع تجاهل ضعف أرقام التوظيف الأخيرة".

بيانات يوليو، بحسب العجمي، كانت أضعف من المتوقع، مما دفع الأسواق لتسعير خفض للفائدة في سبتمبر بنسبة تتجاوز 80 بالمئة. ويضيف:

"دخلنا مرحلة انتقالية بين سياسة التشديد النقدي التي استمرت عامًا ونصف، وبين سياسة أكثر مرونة وربما تحفيزية لو تصاعدت الضغوط الاقتصادية".

الأسواق متفائلة... لكن بحذر

رغم كل ما يحدث، لا تزال المؤشرات الرئيسية في وول ستريت — وخاصة S&P 500 — محافظة على مكاسبها. ويُعزى هذا إلى رهان الأسواق على أن الفيدرالي سيتدخل في النهاية لإنقاذ الاقتصاد، خاصة مع تفاقم المؤشرات السلبية.

لكن العجمي يحذر من هشاشة هذا التفاؤل: "أي مفاجأة سلبية من الصين أو من الاستهلاك المحلي قد تقلب الطاولة تمامًا".

الذهب يعود... والبتكوين يُبعث من جديد

مع تراجع الثقة في الدولار وتزايد حالة عدم اليقين، عاد الذهب ليؤدي دور الملاذ الآمن، بعدما كسر حاجز 2300 دولار للأونصة مؤخرًا، بينما حققت الفضة قفزة بـ4 بالمئة في أقل من شهر. ويؤكد العجمي: "المستثمرون بدأوا بالعودة إلى المعادن والذهب كوسيلة تحوط من التقلبات السياسية والنقدية".

أما البتكوين، فقد عاد للواجهة من بوابة الأجيال الجديدة من المستثمرين، حيث تجاوز حاجز 115,000 دولار، وفقًا للعجمي، الذي قال: "الجيل الجديد يرى في البتكوين تحوّطًا بديلًا عن الذهب، وعودة بعض الأموال إليه سببها تراجع شهية المخاطرة في سوق الأسهم".

ورغم تحفظه الشخصي على فكرة العملات المشفرة، إلا أنه يعترف: "خلال أغسطس وأوائل سبتمبر، أتوقع بقاء البتكوين بين 110 و120 ألف دولار، وإذا اتجهنا نحو خفض الفائدة، سيستفيد البتكوين بالتأكيد".

إلى أين تتجه البوصلة؟

سنة 2025، كما يبدو من المؤشرات الراهنة، ستكون عام التقلّبات. معادلة معقدة من الركود المحتمل، وضغوط سياسية على الفيدرالي، وتصاعد التوترات التجارية، وتغيّرات في سلوك المستثمرين، وربما تهديد حقيقي لمكانة الدولار العالمي.

يختم العجمي بقوله: "التنويع لم يعد رفاهية، بل أصبح وسيلة للبقاء. على المستثمر أن يكون انتقائيًا ويتجه نحو القطاعات القوية، مثل الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية، مع جزء من المحفظة في الذهب والسندات".

"الهبوط الناعم" الذي تأمله الأسواق الأميركية ليس مضمونًا. وإذا استمرت الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي، وتصاعدت التوترات السياسية والجمركية، فإن "العاصفة" الاقتصادية التي تلوح في الأفق قد تتحول إلى إعصار اقتصادي لا يهدد الداخل الأميركي فقط، بل يضرب النظام المالي العالمي برمته.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق