نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أميركا وغزة.. تكتيك تفاوضي أم تحول حقيقي في سياسة ترامب؟ - كورة نيوز, اليوم الأحد 27 يوليو 2025 08:44 صباحاً
ومع تفاقم الكارثة الإنسانية، برز سؤال ملحّ: هل تشكل المراجعة الأميركية الحالية تحوّلاً استراتيجياً؟ أم مجرد مناورة تفاوضية جديدة في سجل طويل من الضغوط على حماس؟
تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عكست هذا التحول الظاهري، حين أعلن أمام عائلات المحتجزين الإسرائيليين أن الوقت ربما حان لتقديم مستشاري الرئيس "خيارات جديدة" لإنهاء الحرب. لكنه لم يخفِ أن الجمود السائد قد يبرر اعتماد "نهج أكثر شمولية"، يشمل إطلاق سراح كافة المحتجزين. خطوة وصفها مراقبون بأنها إعادة تموضع خطابية أكثر منها سياسية.
حماس تردّ: لسنا في مأزق.. والمفاوضات مستمرة
في المقابل، نفت حركة حماس أي انهيار في مسار التفاوض، مؤكدة التزامها الكامل بالتوصل إلى اتفاق. ونقلت شبكة سي إن إن عن قيادي في الحركة أن هناك نقطتين شائكتين لا تزالان موضع خلاف:
- صفقة تبادل الأسرى بين الطرفين.
- جدول انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق معينة في القطاع.
وقدمت حماس مقترحات محددة، منها تبادل 2200 أسير فلسطيني مقابل 10 رهائن أحياء، وتسليم جثامين قتلى مقابل جثامين شهداء، بالإضافة إلى انسحابات تدريجية للجيش الإسرائيلي من شمال القطاع ورفح بواقع 50 متراً أسبوعياً من محور فيلادلفيا.
إسرائيل تواصل التصعيد.. وتقترح تقسيم غزة ميدانيا
بالتوازي مع التحرك الأميركي، كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية في شرق غزة، في إطار خطة توصف بأنها "لإعادة تقسيم القطاع ميدانياً" وزيادة الحصار بهدف إنهاك حماس. التقارير تشير إلى أن القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية تدرس خطة طويلة الأمد لتفتيت القطاع وفرض واقع أمني جديد.
لكن هذا التصعيد يتم في ظل تدهور إنساني متسارع، حيث حذرت الأمم المتحدة من توسع المجاعة، مؤكدة أن أكثر من مليون طفل يعانون من الجوع الحاد، وسط ضعف الإمدادات الغذائية والدوائية.
وأشار مكتب الشؤون الإنسانية الأممي إلى أن سوء التغذية بات يهدد الجهاز المناعي لدى الفئات الأكثر ضعفاً، من نساء وأطفال وكبار السن.
ما يحصل ليس تحوّلاً بل "مناورة تقليدية"
في حديث إلى برنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، قال الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، حسين عبد الحسين، إن الموقف الأميركي "لا يعكس تحولاً حقيقياً، بل هو جزء من لعبة المناورة السياسية".
وأضاف: "الحل العسكري لم يعد متاحاً، والحلول السياسية متعثرة. لا يبدو أن أي طرف يمتلك الإرادة أو القدرة على الحسم. الوضع الراهن يخدم إسرائيل أكثر مما يضرها، ويترك غزة في حالة لا حرب ولا سلم".
وأوضح أن إسرائيل تتمسك برحيل حماس عن الحكم، بينما تتمسك حماس بالبقاء، مما يجعل كل مقترح سياسي أو عسكري عرضة للفشل طالما لم يُحسم هذا العنوان الجوهري. "حتى تصعيد العمليات لم يعد يحمل جدوى ميدانية، لأن الأهداف المتبقية محدودة".
ترامب يضغط ويصرّح.. لكن دون تكلفة سياسية
يشير عبد الحسين إلى أن أسلوب ترامب التفاوضي يعتمد على الضغط الإعلامي والتصريحات المربكة، دون أن يتحمل تكلفة سياسية حقيقية.
ويضيف: "ترامب يدرك أن كلماته لها ثقل عالمي، لكنه غالباً ما يصرح بشيء ويفعل نقيضه. التصريحات الحالية قد تكون لتغطية فشل سياسي، أو لزيادة الضغط على حماس، لكنها لا تعني بالضرورة اتخاذ خطوات ميدانية".
وأكد أن نتنياهو هو الآخر لا يدفع ثمناً سياسياً داخلياً كبيراً، فرغم التظاهرات في إسرائيل، ما زال وضعه السياسي مستقراً داخل الكنيست. "ولو جرت انتخابات اليوم، فإن الأرجح أنه سيبقى رئيساً للوزراء"، على حد تعبيره.
إسرائيل تفصل بين الحرب والتطبيع
من وجهة نظر عبد الحسين، إسرائيل تفصل بين ملف غزة وملف التطبيع أو الحلول السياسية. فهي ترى أن أي تقدم دبلوماسي إقليمي لن يكون ممكناً قبل إنهاء الصراع في القطاع، بعكس بعض الأطراف العربية التي تربط بين القضيتين.
يقول عبد الحسين "المشكلة أن لا أحد يريد الحسم الآن"، موضحاً أن إسرائيل تفضل بقاء الوضع على ما هو عليه، في حين أن "مصلحة الغزيين" تقتضي نهاية واضحة للحرب أو بداية لمسار سياسي جدي.
مراوحة قاتلة.. ومفاوضات بلا أفق
يختم عبد الحسين بالقول: "الوضع في غزة اليوم يشبه حالة لا معلقة ولا مطلقة. لا حرب ولا سلم. لا انتصار ولا هزيمة. هذه الحالة تقتل الغزيين ببطء، بينما لا تؤثر فعلياً على القيادات ولا الوسطاء".
ويضيف أن "كل النقاط التفاوضية أصبحت معروفة"، لكن العقدة الجوهرية تبقى في السؤال الأهم: هل تبقى حماس حاكماً للقطاع أم لا؟ وهذه النقطة، برأيه، "لن تُحسم إلا من خلال تفوق عسكري حاسم، وهو أمر يبدو مستبعداً"، أو من خلال انهيار داخلي في المواقف، وهو أيضاً غير مرجح.
سياسة "اللاحسم" تخدم إسرائيل وتقتل الغزيين
في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن المراجعة الأميركية ليست إلا تكراراً لمواقف سابقة، مغلفة بعبارات دبلوماسية جديدة. أما على الأرض، فإن الواقع لا يتغير. الوساطات تراوح، إسرائيل تواصل الحصار، حماس تصر على الصمود، والقطاع ينهار إنسانياً.
ويبقى السؤال معلّقاً: هل تسعى إدارة ترامب فعلاً إلى تسوية؟ أم أنها تدير الصراع بدلاً من إنهائه؟
في غزة، لا أحد يربح. لكن الجميع، ما عدا المدنيين، يربح الوقت.
0 تعليق