الأكراد وشبح السويداء.. هل يعيد التاريخ نفسه في شمال سوريا؟ - كورة نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الأكراد وشبح السويداء.. هل يعيد التاريخ نفسه في شمال سوريا؟ - كورة نيوز, اليوم الاثنين 21 يوليو 2025 02:49 صباحاً

لم تكن الأحداث الأخيرة في السويداء مجرد نزاع داخلي، بل مثلت "زلزالا سياسيا" أعاد خلط الأوراق في سوريا، وكشف عن حدود سلطة الدولة، وهشاشة النسيج الوطني، وعمق الخلاف بين السلطات المركزية والمكونات المحلية.

ورغم الرواية الرسمية التي تحدثت عن "اشتباكات مع عصابات"، إلا أن وجود دبابات وراجمات وصواريخ ومسيرات لدى الطرف المهاجم دفع بكثيرين للتشكيك في طبيعة ما جرى.

وفي هذا السياق، تساءل مدير مؤسسة "كرد بلا حدود"، كادار بيري، خلال حديثه إلى برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية" عن طبيعة هذه "العشائر المسلحة"، مشيرا إلى أن ما جرى لا يمكن تفسيره بمنطق الخلافات المحلية، بل هو "أكبر من ذلك"، ويرتبط بمحاولات فرض نموذج حكم من داخل النظام وليس خارجه، وهو ما يعكس فشل الدولة المركزية في كسب الشرعية الداخلية.

الملف الكردي يعود للواجهة.. والمشهد يزداد تشابكا

تتزامن تطورات السويداء مع إعادة طرح الملف الكردي في شمال وشرق سوريا، خاصة بعد لقاء مبعوث الرئيس الأميركي، توماس باراك، مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، والذي ناقش مستقبل "قسد" في سوريا، وأكد فيه المسؤول الأميركي مجددا أن واشنطن لا تدعم إقامة كيان مستقل للأكراد.

هذا اللقاء، الذي قالت مصادر إنه عقد في عمّان، مثّل علامة فارقة في رؤية الإدارة الأميركية لملف الإدارة الذاتية، خصوصا مع الإصرار المتكرر على "وحدة سوريا" وعدم القبول بأي شكل من أشكال التقسيم الطائفي أو القومي.

ولكن اللافت في تصريحات باراك – وفق بيري – أنه تحدث عن "عدم دعم دولة علوية أو درزية أو كردية"، دون أن يكون أي من تلك الأطراف قد طالب رسميا بدولة مستقلة، ما يُفهم أنه رسالة ضغط وقائية تجاه الكرد تحديدا، في ضوء التوترات الجارية.

 "قسد" بين مطرقة الضغوط وسندان الاستحقاقات

قوات سوريا الديمقراطية، التي شكّلت الذراع العسكرية للإدارة الذاتية والمدعومة أميركيا في قتال داعش، لم تقف صامتة حيال ما جرى في السويداء، حيث اعتبرت في بيان رسمي أن ما يحدث "انتهاك لتطلعات السوريين"، ودعت إلى "ضمان عدم تكرار هذه الهجمات"، مؤكدة على "ضرورة المبادرات الوطنية الجامعة".

لكن في المقابل، لا تخفي "قسد" قلقها من طبيعة الحوار مع الحكومة السورية، والتي – وفق بيري – ما تزال تماطل في الحوار الجاد، وتكتفي بمحاولات شكلية أقرب إلى "فرض الأوامر"، وسط غياب الضمانات السياسية أو الاعتراف الدستوري بالإدارة الذاتية.

وأضاف بيري أن أي حوار يستمر لساعات مع أكثر من 600 شخص، ويمنح كل شخص دقيقتين فقط، لا يمكن اعتباره حوارا، بل شكلا من "الاستعراض"، مشيرا إلى أن "الحكومة السورية لا تزال مصرة على نموذج مركزي أثبت فشله".

هل تتكرر سيناريوهات الفوضى في الشمال؟

تكرار سيناريو السويداء في شمال سوريا ليس فرضية عبثية، بل احتمال قائم، خاصة مع تعاظم حملات التحريض ضد الإدارة الذاتية عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وظهور شبكات إلكترونية مزورة – بحسب تقارير – تعمل على بث الفتنة بين العشائر و"قسد".

ويشير بيري إلى أن الحملات الأخيرة التي حاولت توصيف ما جرى سابقا في دير الزور على أنه "ثورة عشائرية ضد قسد" تبيّن لاحقا أنها مدعومة من "النظامين الإيراني والأسدي"، عبر فيلق القدس والميليشيات الطائفية، وهي السيناريوهات نفسها التي تتكرر حاليا في السويداء تحت شعارات مختلفة.

الفيدرالية.. هل تكون الحل؟

في خضم كل هذه التوترات، يتجدد الجدل حول شكل الدولة السورية المستقبلية. هل تكون مركزية كما كانت؟ أم تعتمد النموذج الفيدرالي كحلّ سياسي يضمن مشاركة عادلة وواقعية لكل المكونات؟

يقول بيري: "لا أعلم لماذا الدولة الفيدرالية تشكل مشكلة؟"، مشيرا إلى أن الفيدرالية، حين تقوم على الشراكة الحقيقية والتمثيل المحلي، يمكن أن توفر حلا دائما، يحول دون تكرار مشاهد القتل على الهوية، ويمنع استفراد أي جهة بالقرار الأمني أو السياسي.

السوريون أمام مسؤولياتهم.. لا خلاص دون حوار

لا يراهن بيري على الخارج كثيرا، رغم أهمية الدور الأميركي كوسيط، بل يحمّل السوريين أنفسهم مسؤولية تقرير مصيرهم: "على السوريين أن يقرروا ماذا يريدون من دولتهم"، مشيرا إلى أن النظام لم ينجح في فرض سيطرته لا في الساحل ولا في السويداء، فكيف بالشمال الشرقي.

ويتابع قائلا: "منذ 14 عاما، والكرد يتهمون بالانفصالية، فليأتِ أحدهم بدليل على أن حزبا كرديا طالب بالانفصال"، مؤكدا أن الإدارة الذاتية لم تطرح مشروع دولة مستقلة، بل تسعى إلى نظام سياسي تعددي يضمن الحقوق ويمنع عودة الاستبداد.

بين هواجس الانفجار وحتمية التوافق

سواء تكرر مشهد السويداء في شمال سوريا أم لا، فإن الواقع السوري يُجمع على حقيقة واحدة: لا حلول حقيقية دون حوار، ولا سلام بلا اعتراف بالحقوق، ولا وحدة بلا شراكة.

الرهان على إسكات الهويات المحلية بالسلاح أو الخطابات المركزية لن ينجح، والفرصة ما تزال قائمة لبناء سوريا جديدة، تُدار بالتوافق، لا بالولاء.

لكن كل ذلك رهن بإرادة السوريين، وقدرتهم على تحويل الجراح إلى بداية جديدة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق