نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
توم براك في بيروت: تنصّل أميركي من “اتفاق وقف النار”… ولبنان متمسّك بشروطه - كورة نيوز, اليوم الاثنين 21 يوليو 2025 05:32 مساءً
سلّم رئيسُ الجمهورية، العماد جوزاف عون، الموفدَ الرئاسي الأميركي، توماس براك، باسم الدولة اللبنانية، مشروعَ المذكرةِ الشاملة لتطبيق ما تعهّد به لبنان، منذ إعلان 27 تشرين الثاني 2024، مرورًا بخطاب القسم، وصولًا إلى البيان الوزاري للحكومة اللبنانية، وذلك في ما يتعلّق بالضرورة الملحّة لإنقاذ لبنان، من خلال بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتية دون سواها، وحصر السلاح في يد القوى المسلحة اللبنانية وحدها، والتأكيد على مرجعية قرار الحرب والسلم لدى المؤسسات الدستورية اللبنانية.
ويأتي ذلك بالتوازي والتزامن مع صَون السيادة اللبنانية على حدودها الدولية كافة، وإعادة الإعمار، وإطلاق عملية النهوض الاقتصادي.
وكان براك قد التقى أيضًا رئيس الحكومة نواف سلام، وأشار في مؤتمر صحافي إلى أنّه “إذا لم يتم سحب السلاح، فإن ذلك سيكون مخيّبًا للآمال، ولكنه لن تكون له عواقب.”
وفي ردٍّ على سؤال بشأن ما طُلب من الاحتلال الإسرائيلي لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، أكّد الموفد الأميركي أنّه “لم يأتِ لإرغام الاحتلال الإسرائيلي على القيام بأي شيء”.
ولم تكن تصريحات المبعوث الأميركي إلى سوريا ولبنان، توم براك، هذه المرة مفاجئة في جوهرها، وإن كانت صريحة في لهجتها، فهي ليست الأولى من نوعها. فقد سبق له أن أعلن في زيارة سابقة أنه لا توجد ضمانات أمنية قادرة على وقف الاعتداءات الإسرائيلية، قائلاً ما معناه: “ليست مهمتنا أن نوقفهم”. كما نعى آنذاك عمل لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، أما اليوم، فهو يعلن بوضوح موت الاتفاق نفسه، مؤكداً أنه لم يأتِ إلى لبنان لإرغام الكيان الإسرائيلي على أي شيء.
عمليًا، يُظهر براك أن الأمور متروكة للاحتلال الإسرائيلي ليفعل ما يشاء، من دون أي مطالبة أميركية بكبح عدوانه. وهنا يُطرح سؤال جوهري: هل أتى ليطلب من لبنان تنازلات جديدة؟
من المعروف أن براك حضر إلى بيروت للحصول على “الرد على الرد” اللبناني بشأن الورقة الأميركية. وكانت مصادر مطلعة قد صرّحت لقناة المنار أمس بأن ملاحظات براك على الرد اللبناني أسوأ حتى من مضمون الورقة الأميركية نفسها.
وبمقارنة هذه الزيارة بزيارته السابقة، يتضح فارق كبير في النبرة. ففي المرة السابقة، حاول براك إظهار الرضى والامتنان، أما هذه المرة، فخرج في مؤتمره الصحافي بموقف أقرب إلى الواقعية والبرود، متحدثًا عن الاستقرار في سوريا، وعن دور لبنان المحوري في انطلاق مرحلة جديدة في المنطقة، مشيرًا إلى أنه اختار عباراته بدقة.
فبينما كان قد وصف حزب الله سابقاً بأنه “حزب سياسي لا يمكن لأحد إنكار وجوده”، نراه اليوم يصنّفه على أنه “منظمة إرهابية” وفقًا للمنظور الأميركي. كما أشار إلى أن مسألة سلاح حزب الله شأن داخلي لبناني، مؤكدًا في الوقت ذاته أن عدم تجاوب لبنان مع المطالب الأميركية لن يترتب عليه عقوبات كما يظن البعض، بل سيكون ذلك “مخيّبًا للآمال”.
لكن كيف ردّ لبنان؟ المذكرة التي سلّمها رئيس الجمهورية إلى براك استندت إلى خطاب القسم، والبيان الوزاري، وكل ما ورد في اتفاق وقف إطلاق النار، مجددة التأكيد على ضرورة بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. وهو موقف يعبّر عن إجماع الرؤساء الثلاثة، الذين يربطون أي خطوة لبنانية جديدة بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية كافة، ووقف خروقاته المستمرة للقرار 1701.
تصريحات براك اليوم تؤكد أنه سمع هذا الموقف اللبناني بوضوح. ويبقى السؤال مطروحًا: هل يسعى الأميركي إلى إعادة الأمور إلى نقطة الصفر، تمهيدًا لاتفاق جديد ومسار مختلف؟
كل من اطلع على الورقة الأميركية، يقرّ بأنها أشبه باتفاق جديد بالكامل. غير أن لبنان، كما تؤكد مصادره، لن يقبل بالسير في أي اتفاق جديد ما لم يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الحالي. وما صدر اليوم عن توم براك يؤكد شرعية الموقف اللبناني.
لكن لماذا هذا التشدّد اللبناني؟ لأن الولايات المتحدة سحبت عمليًا ضمانتها، ونعى براك علنًا لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق، ثم الاتفاق ذاته.
وبينما يتمسك لبنان بموقفه، تتنصّل واشنطن من دورها. هذا التطور يسلّط الضوء على المشهد بشكل أوضح. فوصول توم براك إلى بيروت فتح الباب أمام تساؤلات جدية: هل سيُترجم الانسداد السياسي بتصعيد عسكري إسرائيلي بعد مغادرته؟ ولماذا لم يتم استباق زيارته بتصعيد ميداني كما جرت العادة في مرات سابقة؟ فسواء كانت التهدئة أمنية أو عسكرية، تبقى مؤقتة ولا تلغي الحذر.
رئيس مجلس النواب نبيه بري أكّد أن “الحذر واجب”، مضيفًا أن الحذر المطلوب ليس سياسيًا فقط، بل يشمل الجانبين الأمني والعسكري. فالعدو الإسرائيلي، رغم انشغاله في سوريا، لا يغضّ الطرف عن لبنان. ولا يمكن لأي موفد أميركي أن يزور لبنان دون محاولة تحقيق أهدافه، مهما ادّعى عكس ذلك.
براك قال إنه لا توجد عقوبات، لكن في السياسة الأميركية، “إذا لم يكن الأميركي كاذبًا، فإنه يُعدّ محنّكًا محتالًا”، كما يصفه بعض العارفين بسلوكه. ولهذا، فإن العين يجب أن تبقى يقِظة تجاه كل من الأميركي والاحتلال الإسرائيلي.
ومن المفترض أن يلتقي براك غدًا برئيس مجلس النواب نبيه بري، في لقاء يُتوقع أن يكون “صريحًا” كعادته، بما يحمله من نكهة خاصة. هناك، ستُقال الأمور بوضوح، وسيتضح المسار المقبل بشكل أكبر، خصوصًا بعد التنسيق الذي تم بين بري ورئيس الجمهورية. فلبنان ماضٍ في التشبّث بموقفه.
يبقى السؤال: هل ستكون “لغة العقوبات” هي أداة الضغط في المرحلة المقبلة؟ هذا احتمال غير مستبعد، ولا يمكن لأحد أن يطمئن كليًا، حتى إن رغب بذلك.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق