نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في الذكرى 63 لما يسمى "استقلال" الجزائر - كورة نيوز, اليوم الخميس 10 يوليو 2025 03:22 مساءً
تجوب الكِذبة نصف العالم بينما تنتعل الحقيقة حذائها؛ ورغم أن من شيم هذه الأخيرة أن تتأخرَ في المجيء؛ إلا أنها تأتي على كل حال، وقد آن الأوان لنجعل أسطورة "مليون ونصف مليون شهيد" تحت أضواء الشمس الساطع؛ فالباطل لا يكتسب صفة الحق بالتقادم، ومهما طبّل نظام العسكر لسرديته التي لا يقبلها عقل، سيأتي يوم يضحك فيه التاريخ حتى تبدُوَ نواجدُه، من سفالة قوم لا يحترمون قداسة الأرقام والأعداد والتاريخ، ولا يحترمون عقول الناس، ولا يحترمون حتى الشهداء، ولعل اليوم قد أتى بالفعل.
لقد اندلعت ما يسمى ب"الثورة الجزائرية" ضد الاستعمار الفرنسي في 1 نونبر 1954 واستمرت سبع سنوات ونصف، ثم انتهت بما يسمى "استقلال" الجزائر في 5 يوليوز 1962م، ويدَّعي النظام الجزائري أنها خلّفت مليون ونصف مليون شهيد، دون أن يذكر عدد الأطفال والنساء والشيوخ من هؤلاء القتلى، ودون أن يشير، لا من قريب ولا من بعيد، إلى عدد المصابين والمصابات، والمفقودين والمفقودات، والمسجونين والمسجونات، والمغتصبين والمغتصبات، والذي يبدو أن عددهم يتخطى عشرات الملايين، إذا أخذنا بعين الاعتبار ما يُشِيعُونه من عدد القتلى، كما أن وزارة "المجاهدين وذوي الحقوق" الجزائرية لا تملك أبسط البيانات عن أسماء هؤلاء الشهداء والمعطوبين، ولا تملك أية معلومات عنهم؛ بل لا تتوفر حتى على أماكن دفنهم؛ اللهم بضعة عشراتٍ منهم، والمدفونةُ جماجمهُم في متاحف فرنسا "المكرمة".
يبدو أن عددا كثيرا ممن يُسمون شهداء "ثورة التحرير" ما زالوا أحياء؛ هذا وحده ما يفسر أن أعدادهم ما زالت في ارتفاع يوما بعد يوم، حتى عاد عددها 5 ملايين و 630 ألف شهيد حسب آخر إحصاء لعمي "تبون"، الذي بات، في ظل التطور التكنولوجي المهول، يستعين بطائرات "الدرون" لإحصاء شهدائه الأبطال، بعدما أثبتت هذه الطائرات نجاعتها في عدِّ رؤوس الأغنام.
لقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، في 7 أكتوبر 2024م، أي بعد عام واحد من اندلاع "طوفان الأقصى"، ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين إلى ما لا يقل عن 42.500 قتيل، بمعدل مقتل 116 فلسطيني في اليوم الواحد؛ في الوقت الذي يشير فيه قتل مليون ونصف جزائري في غضون سبع سنوات ونصف، إلى معدل قتلٍ يفوق 547 جزائري كل يوم، وهذا يعني أن طيلة حرب "التحرير"، قتلت القوات الفرنسية من الجزائريين كل يوم، قرابة خمسة أضعاف ما تقتله الآلة الإسرائيلية الهمجية من الفلسطينيين العزل في اليوم الواحد.
إن كمية الدمار التي لحقت ب"غزة" وشعبها، وحجم الفظاعات والانتهاكات التي ارتكبت فيها، توحي بأنه إذا صحت إحصائيات النظام الجزائري في عدد قتلاه، فهذا يعني أن الجزائر قد دُمِّرت عن آخرها، وأنه لم يعد فيها شيء قابل للحياة، لا من البشر أو الشجر أو حتى الحجر، وأن الجزائريين لم يعد من بينهم إلا مقتول أو معطوب أو مجنون.
إن أول من فجّر أسطورة "المليون ونصف شهيد" هو الرئيس المصري "جمال عبد الناصر"، سامحه الله، حينما أراد أن يجامل الرئيس الجزائري "بن بلة" عند استقباله؛ ورغم أن مزحة "عبد الناصر" كانت مُزحة ثقيلة الظل؛ إلا أن القيادة الجزائرية قد استهوتها وروجت لها، بعدما زادت من العدد وضخمت منه، لأسباب نفسية محضة.
إن من يشاهد حرارة الاستقبال التي حظي بها الجنرال "شارل دوجول" من لدن الشعب الجزائري، وهو يزور ثلاث ولايات جزائرية في ديسمبر 1960م، أي في عز ما يسمى ب"ثورة التحرير"، ويرى حماسة الشعب الجزائري وهو يردد بمِلء فيه شعار "الجزائر الفرنسية"، تصيبه الدهشة والقشعريرة والذهول، وأول سؤال بريء سوف يتبادر إلى ذهنه هو: "إذا كان الشعب الجزائري قد خرج عن بكرة أبيه وهو يملأ الشوارع والأزقة والطرقات، محتفيا بحكم فرنسا، ومُنتشيا بتقبيل يد الجنرال "دوجول"، فأين كان ملايين المجاهدين الأشاوس؟"
جميع المؤرخين والكتاب والمفكرين، بما فيهم الكاتب الجزائري "بوعلام صنصال"، يُقِرّون بأن الجزائر إنما حظيت "بحكم ذاتي فرنسي" نتج عن استفتاء فرنسي حر، تلاه استفتاء جزائري مشروط بمعاهدة "إيفيان"، وأنه لولا هذا الاستفتاء، لما أُسِّست دويلة عديمة الهوية والحضارة والتاريخ؛ لهذا السبب البئيس، تُصر الجزائر على استفتاء الصحراء الذي لم يعد يتحدث عنه أحد، علها تخلق كيانا بغيضا يشبه كيانها، ودويلة مارقة تشبه دويلتها المارقة.
0 تعليق