نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل تطفئ رسوم ترامب بريق الذهب؟ - كورة نيوز, اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 06:57 صباحاً
القرار الذي ما زال غامضًا وغير مؤكد رسميًا حتى الآن، يهدد بإعادة تشكيل قواعد اللعبة في سوق الذهب الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة وبورصة نيويورك بشكل شبه كامل.
قرار الجمارك الأميركية وارتداده المفاجئ على سوق الذهب
نشرت إدارة الجمارك الأميركية وثيقة تشير إلى أن السبائك الذهبية التي تزن عادة كيلوغرامًا أو 100 أونصة، والتي يتم تصنيعها وتكريرها في المقام الأول في سويسرا، قد تخضع لرسوم جمركية تصل إلى 39 بالمئة عند استيرادها إلى الولايات المتحدة. وهو ما يمثل عبئًا ماليًا كبيرًا على المستوردين، ويُعيد أسعار الذهب للارتفاع في السوق الأميركية، مقارنة بأسواق أخرى مثل السوق الفورية في لندن، التي تستمر في التداول بحرية.
تجدر الإشارة إلى أن سويسرا لا تملك مناجم ذهب خاصة بها، لكنها تلعب دورًا محوريًا كمركز عالمي لتكرير المعدن الأصفر وتحويله إلى سبائك معدنية قياسية، تعاد تصديرها للأسواق الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تمثل أكبر سوق للذهب في العالم.
المعطيات الأولية لهذه الرسوم، وإن لم يتم تأكيدها أو نفيها رسميًا من البيت الأبيض، أدت إلى حالة من الذعر في الأسواق المالية، إذ بدأت تظهر فجوات سعرية كبيرة في بورصة نيويورك، تجاوزت 100 دولار للأونصة بين العقود المستقبلية والأسعار الفورية، وهو أمر غير مسبوق، يعكس حالة الغموض والقلق لدى المستثمرين.
قلق سويسري وأصوات تحذر من تداعيات الرسوم
رد الفعل السويسري كان سريعًا وقويًا، حيث أعربت الجمعية السويسرية لمصنعي وتجار المعادن النفيسة عن تخوفها الشديد من فرض رسوم بنسبة 39 بالمئة، معتبرة أن ذلك قد يدفع المنتجين إلى وقف صادرات السبائك الذهبية إلى الولايات المتحدة، ما يخلق فراغًا في السوق الأميركية، ويعطل سلسلة التوريد.
يرى محللون في الاقتصاد السويسري أن مثل هذه الرسوم قد تضر بالاقتصاد الذي يعتمد بشكل كبير على صناعة وتصدير الذهب، مما سيدفع سويسرا إلى البحث عن بدائل سوقية في آسيا أو أوروبا، لكن هذه التحولات ستأخذ وقتًا وستضيف حالة من عدم الاستقرار للسوق العالمي للذهب.
الذهب في دوامة التقلبات.. فوضى الأسعار تهدد المستثمرين
في ظل غياب تأكيدات واضحة من السلطات الأميركية، شهدت الأسواق حالة من التقلب الحاد وغير المسبوق في أسعار الذهب. فروقات الأسعار بين السوق الفورية والعقود الآجلة في الولايات المتحدة تجاوزت مستويات لم تشهدها السوق منذ سنوات، مما زاد من حالة الارتباك بين المستثمرين وشركات التداول.
المستثمرون يواجهون حالة من الشك والقلق، خاصة مع تكرار القرارات غير المتوقعة التي تصدرها إدارة ترامب، والتي تعكس سياسة "التجربة والخطأ" في فرض الرسوم الجمركية، مما يصعب على السوق توقع أي توجه استراتيجي واضح على المدى المتوسط أو الطويل.
محمد: سياسة أميركية "تجريبية" تغرق السوق في الارتباك
في حوار خاص مع برنامج "بزنس مع لبنى" على قناة سكاي نيوز عربية، قدم نور الدين محمد، رئيس شركة تارجت للاستثمار، قراءة تحليلية معمقة للوضع الراهن في سوق الذهب، معبرًا عن قلقه البالغ من السياسة الأميركية القائمة على فرض رسوم جمركية غير واضحة وغير مدروسة.
قال محمد: "منذ بداية العام ونحن نشهد حالة من عدم الاستقرار وعدم الفهم الواضح لسياسات الجمارك الأميركية، حيث يتم فرض رسوم جمركية على سلع حيوية مثل الذهب والنحاس بدون إعلان واضح أو أسباب معلنة."
وأضاف: "هذه القرارات تخلق حركات غير طبيعية في الأسواق، ولا تعكس سياسة واضحة أو استراتيجية متماسكة، بل هي أشبه بتجارب تهدف إلى دراسة رد فعل السوق والاقتصاد."
وأشار إلى أن هذه الحالة تدفع المستثمرين إلى إعادة النظر في تفضيلاتهم السوقية، مع توقع انتقال جزء كبير من التجارة خارج السوق الأميركية إلى أسواق أكثر استقرارًا، خصوصًا في أوروبا وآسيا.
فروقات قياسية وارتفاع غير مسبوق في أسعار المعادن
وأوضح محمد أن الأسواق شهدت ارتفاعات قياسية في فروقات الأسعار، وقال: "اليوم، الفروقات بين العقود المستقبلية والأسعار الفورية في بورصة نيويورك وصلت إلى أكثر من 100 دولار للأونصة، وهو أمر غير مألوف وغير صحي للسوق."
وأكد أن هذه التقلبات لا تقتصر على الذهب فقط، بل تشمل المعادن الأساسية الأخرى مثل النحاس، الذي بدأت الإدارة الأميركية تفرض عليه رسوم جمركية تصل إلى 50 بالمئة، مما يعكس سياسة جمركية غير منتظمة لها تداعيات خطيرة على سلسلة الإمداد الصناعية.
تأثير الرسوم على سلاسل الإمداد
تناول محمد في تحليله أبعادًا أعمق تتعلق بتأثير الرسوم الجمركية على صناعة المنتجات النهائية، حيث تزيد هذه الرسوم من تكاليف المواد الخام، ما يدفع الشركات المصنعة إلى البحث عن طرق لتقليل نفقاتها، سواء من خلال إعادة التفاوض مع الموردين أو التحول إلى بدائل إقليمية.
وقال: "تأثير هذه السياسة لن يقتصر على الذهب فقط، بل يشمل قطاعات صناعية واسعة تعتمد على المواد الخام المستوردة، والرسوم المرتفعة تخلق حالة من القلق وعدم اليقين لدى المستثمرين والمصنعين على حد سواء."
هذه التطورات تشير إلى وجود تحديات كبيرة أمام الاقتصاد الأميركي الذي يحاول التوازن بين حماية صناعاته الوطنية والسيطرة على الأسواق العالمية، لكن بدون استراتيجية واضحة قد يتضرر المستهلك النهائي وتتعطل الأسواق.
هل الرسوم تهدف لكبح احتياطيات الذهب للبنوك المركزية؟
ردًا على تفسيرات تحلل الأمر على أنه محاولة أميركية لعرقلة زيادة احتياطات الذهب لدى البنوك المركزية التي بدأت في تقليل اعتمادها على الدولار، قال محمد: "هذه النظرية غير دقيقة بنسبة 90 بالمئة، فالذهب سيظل ملاذًا آمنًا مهما حدث، خاصة في ظل التحولات الاقتصادية والسياسية العالمية."
وذكر أن التحولات الاقتصادية ستدفع المستثمرين إلى التنويع نحو عملات أخرى مثل اليورو والدولار الأسترالي، ولكن دور الذهب كأصل استثماري آمن سيظل محوريًا على المدى الطويل.
توقعات أسعار الذهب
على الرغم من حالة الفوضى والاضطرابات، أكد محمد أن الذهب يحتفظ بقوته كملاذ آمن، مستعرضًا الأرقام القياسية التي حققها المعدن خلال العام الحالي، والتي شهدت زيادة تراوحت بين 40-50 بالمئة مقارنة ببداية العام.
وقال: "نتوقع أن السوق قد يشهد بعض التصحيح أو الاستقرار قريبًا، لكن الطلب على الذهب سيستمر، ومن الممكن أن يصل السعر إلى مستويات مرتفعة تصل إلى 3100 دولار للأونصة، خاصة في ظل حالة عدم اليقين التي تعيشها الأسواق العالمية."
سوق الذهب تحت مجهر قرار ترامب.. هل يشهد إعادة ترتيب شاملة؟
في ظل هذا القرار الذي يرسم ملامح جديدة للتجارة العالمية، تواجه بورصة نيويورك، واحدة من أكبر مراكز تداول الذهب في العالم، اختبارًا عسيرًا قد يعيد ترتيب أولويات المستثمرين والمنتجين على حد سواء.
تنتظر الأسواق بفارغ الصبر المزيد من التوضيحات من إدارة ترامب، مع أمل أن تتسم السياسة الجديدة بالشفافية والوضوح، بما يضمن استقرار السوق وحماية مصالح جميع الأطراف، من مستثمرين، ومصنعين، وتجار.
الرهان على الذهب كملاذ آمن لا يزال قائمًا، ولكن الطريق إلى الاستقرار يتطلب استراتيجيات واضحة، وقرارات مدروسة بعيدًا عن الفوضى والتقلبات التي تهدد هذا القطاع الحيوي عالميًا.
0 تعليق