أثارت القرارات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن ردود فعل إيجابية واسعة في أوساط الشارع الجنوبي، بعد أن أسهمت بشكل ملموس في تحسن سعر صرف العملة الوطنية، وانخفاض أسعار السلع الغذائية، إلى جانب تقليص الاختراقات الحوثية في المناطق المحررة، خاصة في مجالات التبادل التجاري وغسيل الأموال.

وأكد مواطنون وخبراء اقتصاديون أن الإجراءات الأخيرة للبنك المركزي، والتي شملت تنظيم قطاع الصرافة، وتقييد حركة التحويلات المالية المشبوهة، وتعزيز الرقابة على تدفق الأموال، ساعدت على استقرار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على أسعار المواد الغذائية الأساسية التي شهدت انخفاضًا نسبيًا، خفف من معاناة المواطنين.

وأشاد مراقبون بالخطوات الإصلاحية المتخذة من قِبل البنك، خاصة تلك المتعلقة بوقف العبث في التعيينات داخل السلك الدبلوماسي، وتقليص عدد الوظائف غير الضرورية، إلى جانب صرف المرتبات بالعملة الوطنية، ما يعزز من حضور الريال اليمني ويحدّ من الاعتماد على العملات الأجنبية.

كما اعتبر محللون أن هذه الخطوات تمثل تحولًا مهمًا في المسار الاقتصادي للمناطق المحررة، وتُعد رادعًا فعالًا أمام المحاولات الحوثية للتغلغل اقتصاديًا، خاصة من خلال شركات وشبكات غير رسمية كانت تعمل على تهريب وغسل الأموال، مستفيدة من التراخي الرقابي خلال الفترات السابقة.

ودعا مواطنون في عدد من المحافظات الجنوبية إلى ضرورة مواصلة هذه السياسات الاقتصادية وتوسيعها لتشمل إصلاحات أوسع في مؤسسات الدولة، مؤكدين أن الاستقرار المالي هو ركيزة أساسية لأي استقرار سياسي أو أمني.

وتأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، وسط آمال شعبية بأن تُفضي هذه الخطوات إلى تحسن شامل في الوضع المعيشي، واستعادة الثقة بالمؤسسات الرسمية.

ولقيت القرارات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي اليمني ترحيبًا واسعًا من المواطن أيضا حيث قال صالح عبده سعيد، من محافظة لحج، : "لاحظنا خلال الأيام الماضية انخفاضًا واضحًا في أسعار الدقيق والزيت والسكر، وهذا بفضل استقرار الريال. نحن نأمل أن تستمر هذه الإجراءات حتى يلمس المواطن تحسنًا دائمًا في معيشته" .

من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي د. مازن الصبيحي أن القرارات التي اتخذها البنك المركزي، وفي مقدمتها تنظيم قطاع الصرافة وتشديد الرقابة على التحويلات، كانت "خطوة شجاعة ومطلوبة للحد من التدخلات الحوثية عبر القنوات المالية".

وأضاف القول : "توحيد مسارات التحويل وصرف المرتبات بالعملة الوطنية يقلص من اعتماد السوق على العملات الأجنبية، ويعيد الثقة بالمؤسسات النقدية الرسمية".

وشدد الصبيحي على أن الخطوة الأهم كانت في "كبح التوظيف العشوائي في السلك الدبلوماسي"، واصفًا ذلك بأنه "إنقاذ للخزينة العامة من نزيف مالي كان يُستغل سياسيًا لا وطنيًا".

في السياق ذاته، أشار المواطن نزار الحالمي من مدينة عدن إلى أن صرف الرواتب بالريال اليمني، وإن كان غير كافٍ لتغطية احتياجات الأسر، إلا أنه "يعيد للمواطن الشعور بأن هناك مؤسسة وطنية تسعى لضبط السوق بدلاً من تركه للفوضى".

كما أكدت تقارير محلية أن البنك المركزي بدأ باتخاذ إجراءات صارمة ضد شركات صرافة ثبت تورطها في أنشطة مالية مشبوهة، كانت تُستغل لتهريب الأموال وتمويل أنشطة تخدم مليشيات الحوثي في مناطق سيطرة الشرعية.

ودعا المواطنون إلى استمرار هذا النهج الإصلاحي وتوسيع دائرة المحاسبة لتشمل كافة المؤسسات المدنية والعسكرية، مطالبين بسرعة تنفيذ إصلاحات في الهيكل الإداري والرقابي للدولة.