في خطوة تاريخية غير مسبوقة، قضت محكمة كولومبية الجمعة بوضع الرئيس السابق ألفارو أوريبي فيلز، قيد الإقامة الجبرية لمدة 12 عامًا، بعد إدانته في قضية تتعلق بتلاعب بالشهود وارتكاب “احتيال إجرائي”. ويُعد هذا الحكم الأول من نوعه في تاريخ البلاد ضد رئيس سابق.

و خلال جلسة النطق بالحكم، انفجر أوريبي، البالغ من العمر 73 عامًا، في وجه القاضية ساندرا ليليانا إيريديا أراندا، متهمًا إياها بالإساءة له ولعائلته، قائلاً: “لقد عاملتني بأسوأ طريقة ممكنة… لقد احترمتك، لكنني لا أقبل أن تتدخلي في شؤون عائلتي”.

وأضاف أوريبي، في تحدّ واضح: “لا تشككي في شجاعة أولادي، أطلب منك باحترام، لدينا نحن أيضًا حقوق إنسان”. وعندما طلبت منه القاضية التزام الصمت، رد بقوة: “لن أصمت في هذا الأمر، سيدتي القاضية”.

جاء رد القاضية حازمًا، إذ قالت: “اهدأ، سيدي، لم أتدخل أبدًا في شؤون عائلتك ولن أفعل، احترمتك كشخص، وأيضًا لما قمت به من خدمة للبلاد، أنا فقط أوثّق ما حدث هذا الصباح بشأن التسريب الإعلامي للحكم”.

ورغم تبرئة أوربي من تهمتي الرشوة في قضية “هيلدا نينو فارفان” والاحتيال الإجرائي في قضية “باتشو كوندي ماركا”، فقد أُدين بتهمة التأثير على الشهود، وتزوير إجراءات قانونية، و حُكم عليه بأقصى عقوبة ممكنة في هذا السياق.

وتضمن الحكم: السجن لمدة 144 شهرًا (12 عامًا)، غرامة مالية تعادل 2,420.5 ضعف الحد الأدنى للأجر القانوني الشهري، الحرمان من ممارسة الحقوق والوظائف العامة لمدة 100 شهر و20 يومًا
و استبدال العقوبة بالسجن المنزلي، بموجب المادة 38B من قانون العقوبات رقم 599 لعام 2000.

بموجب قرار المحكمة، سيخضع أوريبي للإشراف المباشر من قبل مصلحة السجون الكولومبية في محل إقامته بمدينة ريونيغرو، التابعة لإقليم أنتيوكيا، وقد أمرت المحكمة بتنفيذ الإقامة الجبرية فورا.

ومن المتوقع أن يستأنف أوريبي الحكم، وقد وصف المحاكمة بأنها “انتقام سياسي”. في المقابل، يرى مراقبون أن الحكم يمثل لحظة فارقة في مسار العدالة الكولومبية، وقد يشكل سابقة لمحاسبة المسؤولين السابقين في قضايا انتهاك القانون وحقوق الإنسان.

و بدأ التحقيق ضد أوريبي عام 2018، لكن القضية شهدت تطورات متلاحقة بعد تعيين المدعية العامة الحالية، لوز كامارغو، من قبل الرئيس الحالي غوستافو بيترو، وهو خصم سياسي شرس لأوريبي.

بدأت محاكمته في أيار/ مايو 2024 وبُثت مباشرة عبر وسائل الإعلام المحلية، وتخللها استجواب أكثر من 90 شاهدا. ولقيت المحاكمة متابعة واسعة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أيار/ مايو 2026.

و رغم الإدانة، يتمتع أوريبي بشعبية كبيرة في كولومبيا، ولا يزال يتمتع بنفوذ سياسي كبير داخل تيارات اليمين المحافظ، وسبق أن لعب دورًا أساسيًا في اختيار قادة حزبه.

ويُعد ألفارو أوريبي زعيم حزب الوسط الديموقراطي، شخصية محورية في المشهد السياسي الكولومبي، ويحظى بنفوذ واسع داخل اليمين الذي يتولى المعارضة منذ وصول غوستافو بيترو الى السلطة في 2022 ليصبح أول رئيس يساري للبلاد.

المصدر: وكالات