نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المغاربة يتحولون إلى القوة العاملة الأولى بإسبانيا ومعاناتهم مع العنصرية وصعوبة الاندماج تثير المخاوف - كورة نيوز, اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025 04:01 مساءً
من شواطئ الجنوب الإسباني، يمكن بسهولة رؤية جبل موسى في شمال المغرب، حيث يتقابل جبل طارق وجبل موسى كـ"عمودَي هرقل"، حسب الميثولوجيا اليونانية، معلنين نهاية العالم القديم. لكن هذا الممر البحري، الذي لا تتجاوز المسافة فيه بين القارتين 14 كلم، بات اليوم أحد أكثر المعابر عبورًا من الجنوب إلى الشمال، ومحورًا حيويًا لفهم التحديات والهويات في إسبانيا الحديثة.
بحسب أحدث المعطيات، يشكل المغاربة أكبر جالية أجنبية في إسبانيا، بأكثر من 1.09 مليون شخص، كما أن عدد المسجلين في نظام الضمان الاجتماعي الإسباني من المغاربة بلغ أكثر من 363 ألف شخص، متفوقين بذلك على الرومانيين، الذين لطالما كانوا في صدارة الترتيب.
يتوزع المغاربة في قطاعات مثل الزراعة، البناء، والخدمات، وهي قطاعات توصف غالبًا بـ"الصعبة" أو "المنهكة"، ويُنظر إليها على أنها الوظائف التي لا يرغب الإسبان في شغلها. هذا الواقع، رغم أنه يعكس الدور الحيوي الذي يلعبه المهاجرون، يكشف أيضًا عن فجوة اجتماعية وهيكل سوق عمل يُعيد إنتاج التهميش والتمييز الطبقي والإثني.
ولا تقتصر معاناة المغاربة في إسبانيا على ظروف العمل فقط، بل تمتد إلى مستويات أعمق تتعلق بالاندماج الاجتماعي، إذ يعانون من ما يسمى بـ"السقف الزجاجي" الذي يمنعهم من الترقّي إلى مناصب قيادية أو مرئية، سواء في السياسة، الإعلام، أو القطاع العام.
الدراسات تشير إلى أن اسمًا ذا خلفية مغاربية أو لون بشرة مختلف يمكن أن يكون كافيًا لرفض طلب عمل أو إيجار سكن، وهو ما وثقته الجمعيات الحقوقية، وأكدته تصريحات أحمد خليفة، رئيس جمعية المغاربة لإدماج المهاجرين.
ويمثل أبناء الجيل الثاني – المغاربة المولودون في إسبانيا – تحديًا جديدًا للدولة والمجتمع على حد سواء. فهؤلاء لا يعرفون بلدًا آخر غير إسبانيا، لكنهم يواجهون خطابًا يُشكك في انتمائهم لها. وفي الوقت الذي تُسلَّط فيه الأضواء على أمثلة ناجحة مثل لاعب كرة القدم لامين يامال، فإن العديد من شباب الجيل الثاني يعيشون الإقصاء، ويعانون من انعدام التمثيل الاجتماعي والإعلامي، الأمر الذي يدفع بعضهم إلى الغضب والتمرد، كما حصل في أحداث "توري باتشيكو" مؤخرًا.
العلاقة بين المغرب وإسبانيا، رغم تعقيداتها السياسية والتاريخية، تشكل خلفية لصورة المغاربة في الإعلام والخطاب العام. من الخلافات حول سبتة ومليلية إلى نزاع الصحراء، ومن أزمة الهجرة غير النظامية إلى تحركات سياسية ضاغطة، كل هذه الملفات تغذي تصورًا سلبيًا عن الجالية المغربية، وتسهم أحيانًا في شيطنتها واستعمالها كـ"كبش فداء" في الأزمات الداخلية.
بينما تشير الأرقام إلى مساهمة كبيرة للمغاربة في النمو الاقتصادي الإسباني، فإن التحدي الحقيقي يكمن في الاعتراف بالمهاجر كمواطن كامل الحقوق، لا مجرد "عامل مؤقت". والمستقبل سيتوقف إلى حد كبير على كيفية تعامل المجتمع والدولة مع الجيل الثاني، وقدرته على تجاوز الصور النمطية، وفتح المجال أمام تمثيل عادل للمغاربة في المشهد الاجتماعي والسياسي.
0 تعليق