نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الخطر المائي.. ارتفاع حرارة البحر المتوسط والتهديدات المحتملة - كورة نيوز, اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025 12:29 صباحاً
في وقتٍ تتسارع فيه وتيرة التغير المناخي عالميًا، بات البحر الأبيض المتوسط تحت مجهر القلق البيئي، مع ما يسجله من ارتفاع في درجات حرارة مياهه بمعدلات تفوق المتوسط العالمي. هذا الاحترار لا يمثل مجرد تغير في الطقس، بل يضع واحدة من أغنى النظم البيئية البحرية وأكثرها هشاشة أمام تحديات غير مسبوقة.
البحر يزداد سخونة.. .والعواقب تتسع
تشير بيانات من منظمات مناخية دولية إلى أن حرارة سطح البحر المتوسط ارتفعت بشكل واضح خلال العقدين الماضيين، متجاوزة المعدلات المعتادة في المنطقة. وقد رُصدت درجات حرارة تجاوزت 30 درجة مئوية في بعض السواحل خلال صيف 2023، ما يعزز المخاوف من اضطراب شامل في التوازن البيئي البحري.
هذا الاحترار يسهم في تسريع ذوبان الجليد في القطبين، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحر، ويؤثر بدوره على التيارات البحرية التي تلعب دورًا رئيسًا في تنظيم مناخ دول الحوض. كما يُتوقع أن تتزايد موجات الحر والجفاف والرطوبة العالية في المناطق الساحلية، مع ما يحمله ذلك من تأثيرات صحية مباشرة على السكان.
كوارث طبيعية وتدهور بيئي
الاحترار المستمر يرفع من احتمالية حدوث الأعاصير المتوسطية«Medicane »، وهي أعاصير قوية تنشأ في الحوض المتوسطي، إلى جانب فيضانات ساحلية وعواصف بحرية متكررة، تهدد البنية التحتية ومناطق الكثافة السكانية المنخفضة.

كما بدأت النظم البيئية البحرية تظهر علامات تدهور ملحوظة، من ابيضاض الشعاب المرجانية، إلى نفوق أنواع بحرية حساسة، مع انسحاب تدريجي للأنواع المحلية. في المقابل، تشهد المياه المتوسطية انتشارًا متزايدًا للكائنات الدخيلة، مثل قناديل البحر العملاقة وأسماك الأرنب السامة، التي تخل بالتوازن البيولوجي وتؤثر على الصحة العامة.
الصحة والاقتصاد في دائرة الخطر
الموجات الحارة المتكررة تزيد من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، وتفاقم الأمراض المنقولة عبر المياه والحشرات، خاصة في المدن الساحلية المكتظة. هذه التحولات المناخية تلقي بظلالها على النشاط الاقتصادي، لا سيما الصيد التقليدي الذي بات يعاني من انخفاض كبير في أعداد الأنواع السمكية المحلية.
السياحة الساحلية، التي تمثل شريانًا اقتصاديًا حيويًا للعديد من دول المتوسط، تتأثر أيضًا، إذ تتراجع جودة المياه والشواطئ، وتزيد مشكلات التلوث وانتشار الكائنات الغازية، ما يقلل من جاذبية الوجهات السياحية.
الزراعة والمياه.. .ثروات مهددة
يمتد التأثير ليشمل الزراعة والمياه الجوفية، حيث تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة معدلات التبخر وملوحة التربة، خصوصًا في مناطق حساسة مثل دلتا النيل وسهول جنوب أوروبا. النتيجة: انخفاض في جودة مياه الري، وتهديد مباشر للأمن الغذائي في المنطقة.
هل لا يزال الوقت مناسبًا للتحرك؟
يرى مختصون في المناخ أن البحر المتوسط يُعد «بؤرة ساخنة» مناخيًا، ما يجعله عرضة لتأثيرات مضاعفة من التغير المناخي. ويشدد هؤلاء على ضرورة تنفيذ حزمة من الإجراءات العاجلة، تشمل:
تقليص الانبعاثات الكربونية والتحول إلى الطاقات المتجددة،
حماية النظم البيئية البحرية والساحلية من التعديات،
تعزيز البنية التحتية لمقاومة الكوارث الطبيعية،
وتكثيف التعاون الإقليمي لتبادل المعرفة والموارد.
خلاصة المشهد: البحر ينذر.. .فهل من يستجيب؟
ما يعيشه البحر المتوسط اليوم ليس تحذيرًا نظريًا، بل واقعًا مقلقًا يتطلب استجابة جماعية فورية. التحدي لم يعد بيئيًا فقط، بل بات يشمل أبعادًا صحية، واقتصادية، واجتماعية متشابكة.
ما زالت الفرصة سانحة، لكن النافذة تضيق. فالتحرك الواعي الآن قد يحمي البحر المتوسط، أحد أبرز معالم الجغرافيا والهوية والثقافة في العالم، ويحول دون تحول الخطر المائي إلى كارثة حتمية.
0 تعليق