العلمين الجديدة.. تلك المدينة الساحرة المطلة على البحر المتوسط، والتي ولدت في مارس 2018، كجزء من استراتيجية "المدن الذكية"، ذلك الموقع الجغرافي الذي ذكره التاريخ كـ"أرض حرب عالمية"، وتم إعادة تدشينه كـ"أرض للسلام" وبعد نزع ألغام الشر، زُرعت أنغام الموسيقى والجمال، تمثل "لحظة انتقال" من منطقة دمار تفوح منها رائحة الموت، إلى واجهة عمرانية نابضة بالحياة، تَقَاطع فيها التاريخ مع الحلم العمراني المفعم بالأمل، لتصبح مدينة "الذاكرة والحلم"، ادخرت الماضي لمستقبل أجمل يتعانق فيه الاقتصاد مع الثقافة في قالب ترفيهي استثماري سياحي جاذب للعالم.

بسواحلها المفتوحة للبشر جميعاً، دون تمييز، أعادت "العلمين" تعريف العلاقة بين الرفاهية العامة والاستثمار الحضاري، وفي لحظة فارقة من الحاضر اللاهثة إيقاعاته، وبين مشاريع ضخمة كبرى من جامعات وعشرات الآلاف من الغرف الفندقية بأبراج شاهقة، وبين مراكز ثقافية تضم مسارح رومانية ومعارض ودور سينما، كتبت المدينة سيرة ذاتية "متجددة" من الضوء والموسيقى والجمال، فـ"العلمين الجديدة" لم تعد مجرد مدينة على الساحل، وإنما هي سردية متجددة عن مصر المعاصرة، مشروع وطني يتحدى الانطباعات التقليدية عن الزمن والمكان، وضعت لنفسها هيئة مغايرة في "زمكان" يجمع كلاً من الماضي والحاضر والمستقبل، في ثلاثية مدهشة بدأتها الحروب، ثم سكنها الأمل والطموح، ليغمرها مستقبل مفتوح على كل بوابات العالم.

في 2023، أطلقت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أول شعاع في المدينة، "مهرجان العالم علمين"، ككيان ثقافي إقليمي احتضنه البحر المتوسط، على ضفاف الهوية والصوت والضوء، في موسم الانطلاق والمرح، موسم الصيف، ليحفر المهرجان اسماً براقاً في ذاكرة الحياة، ويكتب شهادة ميلاد "حدث ضخم" تشهده البلاد كل عام، ويأتيه الناس من كل حدب وصوب، وولد المهرجان في نسخته الأولى عملاقاً، بتوقيع كبار "السوبر ستارز" في مصر والوطن العربي. وبرعاية من الحكومة وشراكة القطاع الخاص، تضافرت كل الجهود، للإعلان عن المهرجان الوليد الذي لم يكن مجرد صور وأخبار متناثرة في الصحف حول حفلات صاخبة، وإنما تجربة وجودية كـ"كائن" ينبض بالحياة، تم فيها استدعاء البحر كشريك أساسي في خلفية المشهد الساحر.

بحلول عام 2024، جاءت النسخة الثانية للمهرجان أكثر إشراقاً، وأوسع انتشاراً، ودخلت الفعاليات الجديدة في معادلة المقارنات مع المهرجانات الكبرى، وصدحت أساطير الغناء العربي في سماء العلمين، لتعلن عن نفسها في احتفالية ثقافية فنية حضارية على ضفاف المتوسط، وتم إدخال عروض مسرحية وأنشطة فنية وبصرية ومسابقات رياضية جذبت قرابة مليون سائح، من "104" جنسيات مختلفة، وجدوا، في الموسيقى ملاذاً آمناً من ضغوط الحياة، وفي التجمعات الإنسانية وسيلة تواصل حضارية صادقة لا تكذب، وأدرك الجميع أن حسن التنظيم رسالة عالمية بأن مصر بلد الأمن والأمان، قادرة على صياغة الفرح في قالب حضاري مزين بالنغم.

تراكمت التجارب الصيفية التي كشفت جوانب البنية التحتية متعددة المواسم، وظل المهرجان حديث السوشيال ميديا طوال العام، كمنصة إبداع متواصلة، ومحتوى متجدد غير قابل للنسيان، وسياق حضاري ينتج نقطة مضيئة على خريطة العالم، يشكل قوة ناعمة ساحلية جديدة، ويعيد صياغة مفاهيمنا عن "وجدانيات" كانت غائبة منذ عصور.

وتنطلق يوم الجمعة المقبل، النسخة الثالثة لمهرجان "العلمين"، وهي انطلاقة بطعم الجمال، وملمس الفرح، مع إشراقة صوت "أنغام"، كافتتاحية للمشاعر الجياشة، ودندنة الموسيقى العابرة للأجيال، وتأتي قائمة طويلة من نجوم لمعت في سماء الوطن العربي، تتمايل معها القلوب، وتطرب لأصواتها الآذان، ومنهم الهضبة عمرو دياب، الذي حقق ألبومه الصادر منذ أيام، ابتدينا، انتشاراً لافتاً، ليثبت أنه "هضبة خرافية لا تتآكل مع الزمن"، وللمرة الثالثة على التوالي، يطل تامر حسني في المهرجان، ويقدم باقة من أشهر أغانيه، بالإضافة إلى دويتو مع المطرب السوري "الشامي"، الذي يشارك لأول مرة، وكذلك النجمة أصالة نصري، بينما تقام أمسية رومانسية مع تامر عاشور. ولم تنسَ إدارة المهرجان موسيقى الراب المنتشرة بين الشباب، للجمع بين عمق التاريخ الطربي، وتقنيات الفضاءات المفتوحة متعددة الأبعاد للأجيال الجديدة، ويقام حفل لأول مرة لـ"مروان بابلو"، ومعه "ليجي سي"، كما يطل نجم الراب "ويجز"، ثم تختتم الفعاليات، في "29" أغسطس المقبل، بحفل فريق "كايروكي"، الذي ذاع صيته في السنوات الأخيرة بتقديم "الموسيقى البديلة"، وهو النوع الذي يعرف أحياناً بـ"الموسيقى المستقلة"، التي اشتهرت في العقد الأخير، وتنتج وتقدم موسيقاها بعيداً عن شركات الإنتاج الكبرى، والمعايير التجارية التقليدية، ويتميز هذا النوع بالابتكار والتجديد، ويتناول موضوعات اجتماعية وثقافية صادقة بعيداً عن التكلف، وكانت هذه الفرق تعرف بـ"الأندر جراوند"، ووجدت انتشاراً واسعاً بين الشباب في عصر المنصات الإلكترونية.

وتقام الفعاليات جميعها في ساحة "يو آرينا"، بالمدينة التراثية، بمدينة الأحلام الجديدة، العلمين.

اقرأ أيضاً«أصبحت مدينة عالمية».. أحمد موسى: العلمين الجديدة من 8 سنوات مكنتش موجودة

موعد حفل أنغام في مهرجان العلمين الجديدة 2025.. مسرح U Arena يكثف استعداداته

موعد حفل أنغام في مهرجان العلمين الجديدة 2025.. مسرح U Arena يكثف استعداداته