نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الفارس الذي مات وسيفه بيده! (صورة) - كورة نيوز, اليوم الجمعة 11 يوليو 2025 12:16 مساءً
سكان مدينة “لوشا” الإسبانية القريبة من غرناطة ليسوا من هؤلاء. إنهم يمرون به أحيانا وهو يقف على أهبة الاستعداد عاقدا يديه على صدره وسيفه بجانبه للدفاع عن مدينته.
من يقف بجوار برج القصبة منذ أكثر من 10 سنين، تمثال برونزي للفارس الأندلسي إبراهيم العطار نحته الفنان خوسيه باتريسيو تورو.
صُور إبراهيم العطار الذي يُسمى في إسبانيا في الغالب “علي العطار”، محاربا مسلما تحيط به أربع شجرات برتقال، وعلى القاعدة لوحة معلومات عن سيرته الذاتية ودوره في حماية مدينة “لوشا” الغرناطية بين عامي 1462 – 1483.

التمثال يُخلّد أسطورة إبراهيم علي العطار قائدا عسكريا ورمزا لمقاومة بني نصر للقشتاليين. كان واليا لمدينة “لوخا” التي نسميها المصادر التاريخية العربية “لوشا” في عهد “أبو عبد الله الصغير”، آخر ملوك بني نصر في الأندلس. عُرف الرجل بأدوار مختلفة، واليا وقائدا عسكريا وتاجرا وحاجبا ومفاوضا ومقاتلا جسورا استمات في محاربة القشتاليين في حروب غرناطة بين عامي “1482 – 1492” التي انتهت بتسليم غرناطة، أخر معقل إسلامي في الأندلس للملكين فرديناند وإيزابيلا.
هكذا يصف أحد النقاد الإسبان هيئة علي العطار، مشيرا إلى أن “التمثال يظهره في موقف متحد، في وقفة تجمع بين الحزم والكآبة. سعى تورو (النحات) إلى تصوير وعيه بـ(أفول عصر): قدمٌ راسخة في الأرض التي أقسم على الدفاع عنها، ونظرته نحو أفقٍ يتلاشى فيه عالمه. لا يُمثل الدرع الحماية فحسب، بل يُمثل أيضا الثقل العاطفي لنضاله”.
سيرته الذاتية التي هي مزيج من التاريخ والحكايات التي ترقى إلى مصاف الأساطير بدأت في دور تاجر للتوابل ثم ارتقى في مناصب السلطة بفضل أعماله العسكرية البطولية ومهارته في المبارزة. إضافة إلى ذلك توطدت علاقته بالملك “أبو عبد الله الصغير” بعد أن تزوج من ابنته “مريمة”، واسمها مريم بنت علي العطار. كانت “مريمة” كما ينطق اسم مريم باللهجة الأندلسية، “المرأة الوحيدة التي أحبها الملك على الإطلاق”.

بعد أن بدأت الحلقة تضيق على المسلمين في غرناطة وما جاورها، حاول إبراهيم علي العطار وقف الانهيار بكل السبل حتى أنه دخل في مفاوضات مع ملك أراغون فرديناند. حين فشل في إبعاد الخطر، حمل سيفه وهب مع الملك “أبو عبد الله الصغير” و7000 مقاتل في محاولة للسيطرة على مدينة “لوسيانا” الواقعة على بعد 50 كيلو مترا من مدينة “لوشا”.
كان وقتها قد ناهز الثمانين من عمره، لكنه قاتل بشجاعة وسقط في هذه المعركة صريعا “وسيفه في يده”، بعد أن حاول فك أسر صهره الملك “أبو عبد الله الصغير”. رواية أخرى ذكرت أنه قُتل أثناء انسحابه وجنوده من أرض المعركة بعد أسر الملك “أبو عبد الله الصغير”، إلا أن الروايتين تتفقان على أن “وفاته حدثت في سياق حربي، والسلاح بيده”.
لم يكتف الإسبان بتمثال يخلد مآثر هذا الفارس المسلم، بل صنع في القرن الخامس عشر نموذج لسيفه، بمقبض مزخرف بالعاج والذهب، وهو محفوظ حاليا في متحف الجيش بمدينة طليطلة.
إبراهيم العطار لم يفعل مثل صهره. لم يبك زوال ملك ولا ضياع مجد. بل حاول حتى النهاية أن يقوم بواجبه في الدفاع عن المدينة التي سُلمت مقاديرها إليه. فعل العطار بإخلاص كل ما بوسع ولم يكن لديه وقت للبكاء.
المصدر: RT
0 تعليق