نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الرسوم قادمة... فهل تستعد الاقتصادات الكبرى لـ"صدمة أغسطس"؟ - كورة نيوز, اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025 01:33 مساءً
منذ إعلان ترامب في أبريل الماضي تعليق الرسوم لمدة 90 يومًا و التي تنتهي في التاسع من يوليو بهدف منح الدول فرصة لإبرام اتفاقيات تجارية ثنائية مع الولايات المتحدة، لم يطرأ سوى تقدم محدود.
فبينما نجحت واشنطن في التوصل إلى اتفاقات مع كل من بريطانيا وفيتنام، واتفاق جزئي مع الصين، لا تزال المفاوضات مع باقي الشركاء الكبار وخاصة الاتحاد الأوروبي واليابان متعثرة، إن لم نقل في طريق مسدود.
ضغوط التصعيد تبدأ ورسائل جمركية في الطريق
أعلن ترامب أنه اعتبارًا من هذا الأسبوع، ستبدأ إدارته بإرسال رسائل رسمية إلى نحو 12 إلى 15 شريكًا تجاريًا لإبلاغهم بنسبة الرسوم الجديدة التي ستُفرض ابتداءً من أغسطس المقبل، ما لم تُبرم اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة.
ووفق تصريحات وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، فإن التركيز ينصب على 18 شريكًا يمثلون مجتمعين نحو 95 بالمئة من العجز التجاري الأميركي، وهو رقم ضخم يُعطي بُعدًا استراتيجيًا لهذه المواجهة.
لكن الجدل لم يتوقف عند هذا الحد. فتعدد التصريحات المتضاربة داخل الإدارة الأميركية – بين من يشير إلى أغسطس كنقطة انطلاق، ومن يتحدث عن سبتمبر – يعكس بوضوح سياسة الضغط القصوى التي يتبعها ترامب لدفع شركائه نحو القبول بشروطه "الصارمة" كما وصفها خبراء.
أوروبا منقسمة والاتفاقات المؤجلة تثير المخاوف
في مقابلة مع برنامج "بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية، قدّم شريف عثمان، رئيس شركة Poise للاستثمارات، قراءة دقيقة لمشهد المفاوضات المعقد. ولفت إلى أن التباين في مواعيد انتهاء المهلة بين تصريحات البيت الأبيض ووزارة الخزانة يهدف إلى "تعظيم الضغط على الشركاء التجاريين"، محذرًا من أن فرص التوصل إلى اتفاق قبل التاسع من يوليو تبدو ضئيلة.
ويؤكد عثمان أن الاتحاد الأوروبي يعاني من انقسام داخلي واضح، إذ تقود ألمانيا معسكرًا راغبًا في التوصل إلى اتفاق تجنبًا لخسارة السوق الأميركي، لا سيما في قطاع السيارات. في المقابل، تطالب فرنسا وإسبانيا باتفاقات "أكثر عدالة" من منظور أوروبي، خاصة في ظل الشروط الأميركية التي تتعارض أحيانًا مع السياسات المالية الأوروبية مثل ضريبة القيمة المضافة.
ويضيف أن مفاوضة الاتحاد الأوروبي قالت صراحة إن الوقت غير كافٍ لإبرام اتفاق، ما يعني أن الرسوم الأميركية ستُفعَّل فعليًا، وستطال على الأرجح قطاعات حيوية. وألمح عثمان إلى أن ترامب قد يرفع الرسوم بنسبة 10 بالمئة أو أكثر، خصوصًا على الدول التي لديها فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة.
الورقة الصينية: المعادن النادرة وشبح التعطيل الصناعي
الصين، التي تُعد أحد أكبر خصوم ترامب التجاريين، تمكّنت من انتزاع اتفاق جزئي مع واشنطن، مستفيدة من "ورقة نادرة" لا يمكن الاستغناء عنها: المعادن النادرة. هذه المواد التي تدخل في صناعة الرقائق والسيارات والطائرات والأسلحة، منحت بكين نفوذًا تفاوضيًا كبيرًا، خاصة بعد تعثّر اتفاق استراتيجي مشابه مع أوكرانيا.
وتسعى واشنطن لتفادي صدام شامل مع الصين، نظرًا لاعتمادها المتزايد على هذه العناصر الصناعية الدقيقة. ولهذا، لا تزال العلاقة الاقتصادية بين القوتين محكومة بتوازن هشّ، قد ينفجر في أي لحظة.
اليابان: سيارات وأرز... واتفاق معقد على طاولة الانتظار
رغم العلاقات التاريخية الوثيقة، لا تسير المفاوضات مع اليابان على نحو سلس. فقد عبّرت واشنطن عن انزعاجها من الفائض الضخم في صادرات السيارات اليابانية التي تُقدّر بنحو 45 مليار دولار سنويًا، مقابل رفض طوكيو فتح أسواقها أمام السيارات الأميركية، وفرضها قيودًا على استيراد الأرز.
يرى شريف عثمان أن اليابان تسعى لاتفاق دائم يجنّبها جولات تفاوضية متكررة، لكن العقدة الأساسية لا تزال متمثلة في ملف السيارات والأرز، ما يعقّد فرص التوصل إلى صفقة شاملة.
الاتحاد الأوروبي: سوق مربحة وضغوط استراتيجية متزايدة
يتحدث ترامب بوضوح عن رغبته في فرض هيمنة استراتيجية واقتصادية على أوروبا، ويعتبر أن السوق الأوروبية يجب أن تكون مفتوحة أمام الشركات الأميركية. لكنه في المقابل يواجه رفضًا أوروبيًا متصاعدًا، لا سيما مع مطالبته بتعديل السياسات الدفاعية والاقتصادية لدول القارة.
ويحذّر عثمان من أن تصعيد ترامب ضد أوروبا قد يدخل الاقتصاد العالمي في دائرة اضطراب جديدة، خصوصًا أن السوق الأميركية تعتمد على منتجات أوروبية بشكل واسع، مقابل رغبة أميركية في كسر الحواجز أمام الاستثمار داخل الاتحاد.
أسواق المال الأميركية.. الهدوء الظاهري لا يخفي القلق الحقيقي
في مفارقة لافتة، تُظهر المؤشرات الاقتصادية الأميركية مؤخرًا أداءً فوق التوقعات. فمعدل التضخم ما بين أبريل ومايو بلغ 0.1 بالمئة فقط، في حين حافظ النمو على وتيرته القوية. إلا أن شريف عثمان يلفت إلى أن "وول ستريت وحدها" تقف في وجه تعنت ترامب، حيث أبدت أسواق السندات تأثرها بسياسات الحماية، خاصة في أبريل.
ومن منظور استراتيجي، يعتمد الاقتصاد الأميركي على الاستيراد بنسبة تصل إلى 11 بالمئة من حجم الإنفاق الاستهلاكي، ما يعني أن أي رفع كبير في الرسوم الجمركية سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي احتمال دخول الاقتصاد في حالة ركود، وهو ما تسعى الإدارة الأميركية لتجنبه بأي ثمن.
الرسوم ليست النهاية... بل بداية لحقبة تفاوضية أشد تعقيدًا
في ظل تمسك ترامب بسياسة "أمريكا أولاً"، وتحوله إلى استخدام الرسوم الجمركية كورقة ضغط دبلوماسية واقتصادية، يبدو أن المشهد التجاري العالمي مقبل على مرحلة أكثر تصعيدًا، حيث لا تبدو أي من الأطراف مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة في الوقت الراهن.
وبينما تستعد الدول لتلقي رسائل ترامب الجمركية، تتجه الأنظار إلى أغسطس كنقطة مفصلية ستحدد مستقبل التجارة الدولية، وأسواق المال، وربما مصير النمو الاقتصادي في عدد من الاقتصادات الكبرى.
0 تعليق