بات تغير المناخ يشكل تهديدًا حقيقيًا ومباشرًا للأمن الغذائي العالمي، في وقت يشهد فيه العالم تزايدًا في عدد السكان، وارتفاعًا في معدلات الفقر والجوع فالمظاهر المتطرفة للتغير المناخي، مثل الجفاف الطويل، الفيضانات غير المسبوقة، ارتفاع درجات الحرارة، وذوبان الجليد، تؤثر بشكل عميق على الزراعة، أحد القطاعات الأكثر هشاشة أمام هذه التغيرات.

بحسب تقارير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ورصدها تحيا مصر، فإن تغير المناخ أدى إلى انخفاض ملحوظ في إنتاجية بعض المحاصيل الأساسية مثل القمح، الذرة، والأرز، خاصة في المناطق التي تعتمد على الأمطار الموسمية في إفريقيا جنوب الصحراء، مثلًا، أصبحت مواسم الجفاف أكثر تكرارًا وطولًا، مما أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي بنسبة تصل في بعض المناطق إلى 30%، في المقابل، تعرضت مناطق أخرى مثل جنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية لفيضانات أدت إلى تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.

تأثير تغير المناخ لا يقتصر على وفرة الغذاء فحسب، بل يمتد إلى نوعيته وسلامته، حيث إن ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة يعزز من انتشار الآفات والأمراض النباتية، كما يؤثر سلبًا على سلاسل التوريد والتخزين ،هذه التحديات تترجم إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية عالميًا، ما يضع عبئًا إضافيًا على الأسر ذات الدخل المحدود، ويزيد من معدلات سوء التغذية في الدول النامية.

وعلى مستوى السياسة الدولية، يبرز السؤال: "هل العالم مستعد لمواجهة أزمة غذائية عالمية ذات أبعاد مناخية؟" في الواقع، ما زالت الجهود غير كافية، بالرغم من التقدم في تطوير أنظمة الزراعة الذكية مناخيًا، واستخدام التقنيات الحديثة مثل الزراعة الرأسية والزراعة في البيئات المغلقة كما أن الاستثمارات في البحث العلمي لا تزال دون المستوى المطلوب، خاصة في ما يتعلق بإنتاج أصناف نباتية مقاومة للحرارة والجفاف.

إن ضمان الأمن الغذائي في ظل تغير المناخ يتطلب تحولًا جذريًا في السياسات الزراعية، مع التركيز على التكيف والاستدامة وهذا يشمل تحسين إدارة المياه، تنويع المحاصيل، دعم صغار المزارعين، وتفعيل التعاون الإقليمي والدولي، خاصة في مناطق النزاع أو الفقر المدقع فبدون خطوات حاسمة الآن، قد يجد العالم نفسه أمام أزمة غذائية غير مسبوقة خلال العقود المقبلة.