في عالمٍ لا يعرف الهدوء، حيث تتقاطع المصالح وتتصادم السياسات، يتأرجح الذهب الأسود بين الصعود والهبوط، متأثرًا بتقلبات الأسواق وعناوين الأخبار الجيوسياسية، وبينما يتربص القلق بالاقتصاد العالمي، تنبعث من الولايات المتحدة إشارات مطمئنة تُعيد بعض الزخم إلى أسواق النفط، رافعة الأسعار من قاع الانخفاض إلى قمة جديدة، ولو مؤقتًا.

أسعار النفط العالمي اليوم 

سجلت أسعار النفط العالمية ارتفاعًا ملحوظًا مع بداية تداولات الخميس، منهية موجة خسائر استمرت خمسة أيام متتالية، وسط دلائل على تحسن الطلب في السوق الأمريكية، أكبر مستهلك للنفط في العالم، ما عزز من ثقة المستثمرين مؤقتًا رغم استمرار الضبابية الاقتصادية.

وصعد خام برنت بنسبة 0.9% ليصل إلى 67.51 دولارًا للبرميل، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 1.1% مسجلًا 65.03 دولارًا. هذا الانتعاش الطفيف جاء عقب هبوط بنسبة 1% يوم الأربعاء، حيث بلغ الخامان أدنى مستوياتهما في ثمانية أسابيع، إثر تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تقدّم محتمل في الحوار مع موسكو.

وكشف مسؤول أمريكي أن هناك نية للقاء مرتقب بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الأسبوع المقبل، في ظل استعدادات أمريكية لفرض عقوبات إضافية قد تشمل الصين، ضمن محاولات لزيادة الضغط على روسيا بسبب استمرارها في الحرب الأوكرانية.

انخفاض غير متوقع في مخزون النفط الأمريكي

وفي هذا السياق، عزز انخفاض غير متوقع في مخزون النفط الأمريكي من انتعاش الأسعار، إذ أفادت بيانات إدارة معلومات الطاقة أن المخزونات تراجعت بنحو 3 ملايين برميل خلال الأسبوع المنتهي في الأول من أغسطس، لتصل إلى 423.7 مليون برميل، متجاوزة بكثير توقعات المحللين التي دارت حول 591 ألف برميل فقط.

ويعزى هذا التراجع في المخزون إلى ارتفاع صادرات الخام الأمريكي وزيادة نشاط المصافي، لاسيما في مناطق مثل ساحل الخليج والساحل الغربي، حيث بلغت معدلات التكرير أعلى مستوياتها منذ عام 2023.

الإجراءات الأمريكية الأخيرة التي شملت فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25% على السلع الهندية

رغم ذلك، تبقى حالة الحذر سائدة في السوق، إذ أن الإجراءات الأمريكية الأخيرة التي شملت فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25% على السلع الهندية، ردًا على استمرار نيودلهي في استيراد النفط الروسي، خلقت حالة من التوتر التجاري الدولي، ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ بعد 21 يومًا من إعلانها في السابع من أغسطس.

هكذا، وبين موجات التفاؤل الحذر والتحولات الجيوسياسية العنيفة، يبقى مستقبل أسعار النفط مرهونًا بلغة المصالح الدولية لا بقوانين العرض والطلب فقط.