الاستدامة البيئية في الكويت.. ركيزة استراتيجية تنموية وشراكات فاعلة إقليميا ودوليا - كورة نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تتخذ دولة الكويت وعبر رؤيتها المستقبلية من ملف حماية البيئة "أولوية قصوى" تتخطى حدود الاستجابة للتحديات والضرورات لتصبح ركيزة استراتيجية تنموية نحو غد أفضل تنمويا وبيئيا تتعاظم أبعادها عبر نسج شراكات إقليمية ودولية فاعلة.

وفي خضم ديناميكية الحكومة الكويتية على مختلف الصعد والملفات تبزغ حماية البيئة واستدامتها كأولوية على أجندة عملها إيمانا منها بأن البيئة هي أساس التنمية المستدامة.

وفيما رسمت دولة الكويت مجموعة من السياسات الهادفة لحماية البيئة كثفت الحكومة خلال العامين الأخيرين جهودها في تبني استراتيجيات تحقق الاستدامة البيئية مدفوعة بتوجيهات سامية من لدن حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه.

وإدراكا منه بأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية والحد من التلوث يتولى مجلس الوزراء دورا محوريا في دفع الرؤى الاستشرافية ذات الصلة بالاستدامة البيئية من خلال متابعته الحثيثة لخريطة الطريق الوطنية طويلة الأمد لتنمية منخفضة الكربون التي حلت كأولوية على أجندة اجتماعاته خلال الفترة الماضية.

وفي هذا الإطار قدم وزير النفط طارق الرومي وعدد من قياديي الهيئة العامة للبيئة الشهر الماضي عرضا مرئيا بشأن خريطة الطريق الوطنية حيث تهدف إلى تعزيز مرونة البلاد في مواجهة آثار تغير المناخ.

وتشمل الخريطة الوطنية سبل تحقيق نمو اقتصادي مستدام باستخدام حلول تقنية وابتكارية متكاملة في مجال اقتصاد الكربون الدائري إلى جانب المبادرات الداعمة للابتكار البيئي والاستثمار الأخضر في القطاعات المختلفة.

كما رفعت دولة الكويت مستوى التنسيق مع جمهورية الصين الشعبية للمضي قدما في تفعيل مذكرات التفاهم ذات الصلة بمجالات المنظومة الخضراء منخفضة الكربون لإعادة تدوير النفايات ومنظومة الطاقة الكهربائية وتطوير الطاقة المتجددة والبنية التحتية البيئية لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي.

وتشكل الاتفاقيات الثلاث رافعة أساسية لترجمة خطط البلاد الطموحة إلى خطوات عملية نحو مستقبل أكثر استدامة انسجاما مع ركيزة (بيئة معيشية مستدامة) التي تضمنتها رؤية (كويت جديدة 2035) والتي تمثل أولوية أساسية لضمان استمرارية بيئة الكويت واستدامتها من أجل الأجيال.

بموازاة ذلك تؤكد استراتيجية الكويت خفيضة الكربون 2050 التي أطلقتها الهيئة العامة للبيئة في نوفمبر عام 2023 بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة والقطاعات المعنية بالدولة التزام البلاد باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ حيث تعد الكويت الدولة الخليجية الثانية التي تقدم هذه الاستراتيجية.

وتسعى الكويت للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060 في وقت تولي فيه اهتماما خاصا بتنويع مصادر الطاقة في البلاد من خلال تعزيز استخدام الطاقات المتجددة واستبدال الوقود الأحفوري بالغاز المسال والاستفادة من النفايات لتحقيق طاقة مستدامة.

كما يمثل تقرير حالة البيئة الأول لدولة الكويت الذي أطلقته الهيئة العامة للبيئة العام الماضي علامة فارقة ونقطة انطلاق لدراسة الأوضاع البيئية بشكل متكامل إضافة إلى كونه تجسيدا للتعاون المثمر بين الجهات الحكومية المختلفة في خطط الارتقاء بحالة البيئة في الكويت.

ويركز التقرير الذي أعد بالتعاون مع الأمم المتحدة على سبع قضايا رئيسية هي تغير المناخ وإدارة النفايات والموارد الأرضية وموارد المياه والغلاف الجوي والتنوع الإحيائي والبيئة الساحلية والبحرية فيما يستعرض التقرير الإطار المؤسسي والتشريعي للإدارة البيئية.

وأسفرت جهود الهيئة عن إطلاق أربعة مشاريع استراتيجية تعنى بحماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة في الكويت تشمل الاستراتيجية البيئية الوطنية لدولة الكويت وتطوير نظام مراقبة وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات وتطوير الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر وتطوير الخطة الوطنية لإدارة البيانات البيئية.

وتدعم المشاريع الأربعة الجهود الكويتية في تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص ورفع كفاءة الأداء الاستراتيجي في مجال حماية البيئة وتطوير مؤشرات أداء وطنية في إدارة النفايات والحفاظ على الموارد إضافة إلى تعزيز قاعدة البيانات البيئية وتطبيق أفضل الممارسات العالمية في التصدي للتصحر وتطوير نظام متكامل يضمن تبادل البيانات بين الجهات الحكومية بشكل منتظم وموثوق.

ويعنى برنامج إيجاد مناطق معيشية متناغمة بيئيا الذي احتضنته الخطة التنموية للدولة بترشيد استخدام الموارد الطبيعية والتناغم مع البيئة بشكل يسمح باستدامة هذه الموارد وخفض نسب التلوث بما يسهم في رفع جودة حياة المواطنين.

ويشمل البرنامج جملة سياسات لتحقيق هذه الأهداف على رأسها بناء مدن صديقة للبيئة وفق مبادئ المباني الخضراء والبنية التحتية الخضراء والتكنولوجيا الذكية وهي سياسة تنفذها حاليا الجهات المعنية بذلك.

وبغية تطوير التنمية الحضرية المستدامة يدعم المخطط الهيكلي الرابع لدولة الكويت 2040 فكرة المباني الخضراء لما تحدثه من تحولات إيجابية في تعزيز الحياة الصحية الأفضل للسكان.

وعلى المستوى التشريعي يتضمن قانون حماية البيئة مجموعة من السياسات والتدابير الهادفة إلى حماية الموارد الطبيعية والنظم البيئية عبر إجراءات تكفل منع التلوث أو التخفيف من حدته لتحسين جودة المعيشة وضمان التنوع الحيوي.

ويشتمل القانون أيضا على مواد تدعو إلى تحديد وعزل مصادر التلوث الثابتة ومنع التصرفات الضارة والمدمرة للبيئة وتشجيع أنماط السلوك البيئي إضافة إلى مجموعة من المخالفات والعقوبات عل كل من يحاول الإضرار بالبيئة وتلويث مصادرها.

إلى ذلك أكدت دولة الكويت خلال مؤتمر الكويت للطاقة المستدامة الذي أقيم مؤخرا أن البلاد تضع ضمن أولوياتها الاستراتيجية تحقيق مزيج متوازن من الطاقة يهدف إلى الوصول بنسبة الطاقة المتجددة إلى 50 في المئة من إجمالي الطاقة الكهربائية بحلول عام 2050.

وشدد وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة الدكتور صبيح المخيزيم في كلمته الافتتاحية بالمؤتمر على اعتماد خطط مدروسة ومشاريع طموحة تواكب التزامات البلاد الدولية وتنسجم مع تطلعاتها نحو مستقبل مستدام ومزدهر.

وتتوزع المشاريع الكويتية في مجال الطاقة المتجددة على ثلاثة مسارات الأول مشاريع بعيدة المدى مثل مشروع الشقايا والثاني مشاريع قصيرة المدى وتشمل مشروع العبدلية إضافة إلى المشاريع الصغيرة التي ستنفذ من خلال مدونة حفظ الطاقة التي تلزم جميع المنشآت بإنتاج 10 في المئة طاقة متجددة من إجمالي احتياجاتها من الكهرباء.

ويجرى تنفيذ مشروع الشقايا لإنتاج الطاقة المتجددة من خلال هيئة الشراكة بين القطاع العام والخاص بحيث يشتمل على مرحلتين أولاهما لإنتاج 1100 ميغاواط والثانية لإنتاج 500 ميغاواط.

وترجمت الكويت إيمانها بأهمية التنمية الحضرية المستدامة الصديقة للبيئة وتنمية المساحات الخضراء من خلال تنفيذ مشاريع عدة بهذا الاتجاه والتخطيط لتنفيذ مشاريع واعدة لزيادة المسطحات الخضراء وتعزيز الغطاء النباتي وإقامة المحميات الطبيعية ودعم السياحة البيئية.

وتمضي الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية الكويتية قدما في خططها الرامية إلى تنمية الغطاء الأخضر في البلاد وغرس أنواع جديدة من النباتات بموجب مسؤولياتها عن رعاية وتوسعة وتطوير التخضير والزراعة التجميلية.

وتمتد حملات التشجير التي تطلقها الهيئة إلى الحدود الشمالية والجنوبية لزراعة الأشجار الملائمة للبيئة الكويتية إضافة إلى زيادة الرقعة الخضراء في الساحات العامة والطرقات بالتنسيق مع وزارات الدولة.

واعتمدت الهيئة خططا لإقامة الحواجز النباتية والصناعية وإعادة توزيع مناطق التحريج والمناطق الزراعية للسيطرة على تحركات الكثبان الرملية والتصحر وخفض نسب التلوث عبر زراعة نباتات تتحمل شح المياه وتمتاز بخضارها طوال السنة مثل شجرة القاف والسدر وكف مريم والصفصاف والأثل.

أما الحدائق العامة في الكويت فتشكل إحدى ركائز البيئة الخضراء إذ تتوزع حسب مساحتها بين حدائق صغيرة لا تتعدى الأربعة آلاف متر مربع وأخرى أكبر مساحة في الضواحي إضافة إلى المتنزهات التي قد تصل في الحجم إلى ما يقارب مساحة منطقة سكنية كاملة.

وتؤكد دولة الكويت بشكل دائم التزامها الثابت بالقرارات والمبادرات الدولية والإقليمية والخليجية المرتبطة بالبيئة إضافة إلى إيلاء التعاون مع الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية أهمية بالغة في تنفيذ مبادراتها البيئية المتنوعة.

وحصدت دولة الكويت في أكثر من مناسبة شهادات دولية من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة بشأن ما تحققه من نتائج ملموسة في الملف البيئي إضافة إلى التعاون الفعال والإستراتيجي مع المنظمات المعنية في هذا المجال.

وفي هذا الإطار قال ممثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمدير الإقليمي لمكتب غرب آسيا سامي ديماسي إن التعاون مع دولة الكويت يعبر عن الالتزام بتطوير استراتيجيات وخطط عمل تواكب الاحتياجات الفورية وتلبي الطموحات المستقبلية مشيرا إلى ما أحرزته من تقدم في تعزيز العمل البيئي وتحقيق التنمية المستدامة.

بدورها أشادت ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المنسق المقيم لدى البلاد غادة الطاهر بدور دولة الكويت النشط في مجال الاستدامة البيئية وبمشاركتها في عدد من مبادرات مكافحة القضايا البيئية الملحة مثل التصحر وندرة المياه وفقدان التنوع البيولوجي.

يذكر أن دولة الكويت قد صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 1995 وبروتوكول كيوتو في عام 2005 كما تشارك دائما بفعالية في القمم المناخية العالمية بشأن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ وبروتوكول كيوتو واتفاقية باريس.

كما أعلنت دولة الكويت خلال مشاركتها في مؤتمر قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر بنسختها الثانية التي عقدت بمدينة شرم الشيخ نوفمبر 2022 التزامها الكامل بنتائج تلك المبادرة باعتبارها نقطة تحول مهمة لمنطقة الشرق الأوسط في العمل المناخي وأساسا للتعاون الإقليمي في مكافحة آثار تغير المناخ.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار الرياضية فى هذا المقال : الاستدامة البيئية في الكويت.. ركيزة استراتيجية تنموية وشراكات فاعلة إقليميا ودوليا - كورة نيوز, اليوم الثلاثاء 5 أغسطس 2025 11:22 صباحاً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق