في محاولة لمواجهة الضغوط الدولية المتصاعدة بشأن أزمة الغذاء المتفاقمة في قطاع غزة المحاصر، تم إسقاط سبع حمولات جوية تحتوي على الطحين والسكر والمواد الغذائية المعلبة، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.

يأتي ذلك  بالتنسيق بين إسرائيل والأردن والإمارات العربية المتحدة، فيما أشارت السلطات الأردنية إلى مساهمة بلادها والإمارات بـ25 طناً من المساعدات الأساسية، حسب تقارير  لـ"بي بي سي" التي رافقت إحدى رحلات الإغاثة المغادرة من الأردن.

على الرغم من هذه الجهود، تواجه عمليات الإنزال الجوي انتقادات حادة من منظمات الإغاثة ومسؤولي الأمم المتحدة الذين وصفوها بأنها "مكلفة، غير فعالة، ومحفوفة بمخاطر مميتة". 

على منصة "إكس"  وصف فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأونروا، هذه العمليات بأنها "عملية تشتيت للانتباه وتمويه" لا تحل الأزمة الجذرية، مؤكداً أن "الجوع الذي تسبّب فيه البشر لا يمكن معالجته إلا عبر إرادة سياسية حقيقية" تدعو إلى إنهاء الحصار وفتح المعابر البرية بشكل دائم، فيما تتفق لجنة الإنقاذ الدولية مع هذا التقييم، حيث أشار سياران دونيلي إلى أن الإسقاط الجوي عاجز عن تلبية الاحتياجات الكمية أو النوعية للمساعدات المطلوبة.

تحذيرات متزايدة من مجاعة شاملة

هذه العمليات تأتي في سياق تحذيرات متزايدة من مجاعة شاملة تجتاح غزة. وفقاً لوزارة الصحة في القطاع، توفي 14 شخصاً بسبب سوء التغذية خلال 24 ساعة فقط قبل عمليات الإسقاط، بينما قفز العدد الإجمالي لوفيات المجاعة إلى 147 شخصاً، بينهم 88 طفلاً، وفق أحدث البيانات الصادرة عن الوزارة 16. وقد أكدت الأونروا أن مختلف مناطق القطاع تجاوزت عتبة الجوع، مع انتشار سوء التغذية الحاد بين السكان، حيث يعاني 470 ألف شخص من ظروف "أشبه بالمجاعة" وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي 616.

تعليقاً العمليات العسكرية 10 ساعات يومياً

بالتزامن مع عمليات الإسقاط، أعلنت إسرائيل تعليقاً تكتيكياً للعمليات العسكرية لمدة 10 ساعات يومياً في مناطق محددة، مثل المواصي ودير البلح ومدينة غزة، لتمكين توزيع المساعدات.

 وقال مسؤولون إسرائيليون إن أكثر من 120 شاحنة مساعدات دخلت القطاع خلال فترة التعليق 13. إلا أن هذه الأرقام تواجه تشكيكاً واسعاً؛ فالمتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل أكد أن ما دخل من شاحنات يوم الأحد لم يتجاوز 10 شاحنات فقط، وهو عدد "لا يلامس حجم الكارثة".

توزيع المساعدات كابوس يومي للمدنيين

الصحفي في غزة عماد قداية أوضح لـ"بي بي سي" أن معظم الطرود الجوية "سقطت في مناطق خطرة وتخضع للسيطرة الإسرائيلية"، مما يعرّض المتوجهين لاسترجاعها لخطر الموت. 

وتؤكد شهادات السكان فوضى المشاهد؛ فسامح حميد (23 عاماً) من حي الكرامة وصف كيف تجمّع عشرات المواطنين حول سبع حزم غذائية أُسقطت جواً، فيما يشبه "الحرب" على الفتات، حيث حصل هو نفسه على "ثلاث علب فول فقط". 

أما سمية (34 عاماً)، المصابة بالسرطان، فتخاطر بحياتها يومياً لجمع فتات الطعام من الأرض بعد تدافع الحشود، وقالت لـ"بي بي سي": "أنا مريضة سرطان في مرحلته الرابعة، ولم يقتلني السرطان حتى الآن لكن قد أموت من الجوع في أي لحظة".

عمليات الإسقاط الجوي بدون جدوى  

وفقاً لتقديرات مراسل "بي بي سي" جو إنوود، فإن توفير وجبة واحدة لسكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة يتطلب أكثر من 160 رحلة جوية، حيث تحمل كل طائرة من طراز C-130 نحو 12,500 وجبة فقط 1. كما أن طريقة التوزيع تفتقر إلى التنظيم؛ فمنظمة أطباء بلا حدود حذرت من أن عدم وجود قوائم توزيع يضمن حصول الجميع على حصصهم يفقد العملية معناها.

بنيامين نتنياهو ينفي وجود مجاعة في غزة

رداً على الانتقادات، نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجود مجاعة في غزة، ووصف الاتهامات الموجهة لإسرائيل بـ"الكذبة الجريئة"، متهماً حركة حماس بسرقة المساعدات. 

إلا أن تقريراً داخلياً لوكالة التنمية الأمريكية (USAID) نفى وجود أدلة على نهب منظم للإمدادات من قبل حماس، وفي المقابل، يرى ناشطون ومدونون أن عمليات الإنزال الجوي جزء من "حملة تضليل إعلامي" تهدف إلى تحسين صورة الاحتلال، خاصة مع استمرار إغلاق المعابر البرية الرئيسية مثل رفح وكرم أبو سالم منذ مارس/آذار 2025، كما ورد في تصريحات ناشطين على منصة "إكس" 1014.

الحل الوحيد الذي تجمع عليه المنظمات الدولية هو فتح المعابر البرية وإدخال المساعدات على نطاق واسع، حيث أشار  لازاريني إلى أن الأونروا لديها ما يعادل 6,000 شاحنة من الغذاء والدواء جاهزة للعبور إلى غزة حال سمحت إسرائيل بذلك.