عندما يُذكر اسم "سمك القرش"، يستحضر كثيرون مشهدًا مرعبًا من أعماق البحر، ترسّخ في الأذهان منذ عرض فيلم "Jaws" في السبعينيات. لكن، بعيدًا عن الصورة الهوليودية المخيفة، تُخفي هذه الكائنات البحرية أسرارًا مدهشة تستحق التعرّف، وبعضها قد يُدهشك لغرابته.

تُظهر الدراسات أن أسماك القرش في جرينلاند تصاب تدريجيًا بالعمى مع تقدمها في السن، ليس بسبب المرض أو الإصابة، بل نتيجة طفيليات تتغذى على قرنيتها، ما يجعلها غير قادرة سوى على التمييز بين النور والظلام. ورغم ذلك، لا يؤثر فقدان البصر كثيرًا على قدرتها في الصيد، إذ تعوّضه بحاسة شم مذهلة تمكّنها من تتبع فرائسها بدقة.

وعند الحديث عن الدفاعات الغريبة، تبرز أسماك القرش المنتفخة التي لا يتجاوز طولها مترًا واحدًا. فعندما تشعر بالخطر، تبتلع الماء أو الهواء لتنتفخ ويُضاعف حجمها، ثم تختبئ بين الصخور لتصعّب مهمة افتراسها. ورغم فعاليتها ضد الكائنات البحرية، إلا أن هذه الحيلة لا تنجح أمام الإنسان.

من جهة أخرى، تحمل بعض أسماك القرش مفاجآت تكاثرية غريبة، مثل قرش بورت جاكسون، الذي تضع إناثه بيضًا حلزوني الشكل تثبته بين الصخور لحمايته من التيارات البحرية. بعض الأنواع الأخرى تضيف محاليق لزجة على بيضها لتلتصق بالأعشاب، ما يمنحه ثباتًا فريدًا في البيئة البحرية.

أما الأكثر غرابة، فهي أسماك قرش "كوكي كتر" الصغيرة، التي أثارت قلق البحرية الأمريكية في السبعينيات بعد ظهور ثقوب دائرية غامضة على غواصاتها. وتبيّن لاحقًا أن هذه الثقوب من صنع هذه الأسماك المفترسة، التي تهاجم الحيتان والدلافين وتقطع أجزاء دقيقة من أجسامها بأسنانها الحادة، تاركة آثارًا تشبه طعنات بسكين دائرية.

وفي مفارقة علمية، لا تمتلك أسماك القرش أي عظام، إذ يتكوّن هيكلها من الغضاريف المرنة التي تمنحها خفة ومرونة أثناء السباحة. أما أسنانها، فهي الجزء الصلب الوحيد في جسدها، وتتكوّن من المينا والعاج، وتُستبدل باستمرار طوال حياتها، لتبقى دائمًا مستعدة لاقتناص الفريسة.

هذه الحقائق المثيرة تُعيد رسم صورة القرش من مفترس مرعب إلى كائن بحري فريد، تطوّر بطرق مذهلة تثير الإعجاب بقدر ما تثير الفضول.