نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من شاشة الهاتف إلى صندوق الاقتراع.. كيف غيّرت الميمز خيارات جيل زد السياسية؟ - كورة نيوز, اليوم الخميس 24 يوليو 2025 06:27 مساءً
لم تعد الخطابات السياسية التقليدية أو التحليلات العميقة هي المدخل الرئيسي لفهم العالم بالنسبة للشباب، بدلاً من ذلك، ارتفع نجم الـ"ميمز" – تلك الصور المعدلة، أو المقاطع القصيرة، أو الرسوم البسيطة المحملة بسخرية لاذعة – لتصبح لغة التعبير السائدة بين جيل زد (المواليد بين 1997-2012)، فتحولت هذه الوحدات الثقافية السريعة الانتشار من مجرد نكات عابرة إلى أداة فاعلة لفهم الأحداث، ووصلت إلى التأثير في التوجهات الانتخابية.
من الترفيه إلى التأثير السياسي
رصدت "نيويورك تايمز"، تحولت الميمز إلى "شكل جديد من الدعاية السياسية"، فهي تقدم رسائل معقدة حول قضايا ساخنة في قوالب بصرية فكاهية أو عبر نكت وفيديوهات موجّهة تصل لملايين المشاهدات خلال ساعات، وهذا الشكل اللاعقلاني ظاهرياً، بحسب الصحيفة، بات يؤثر حتى في توجهات أحزاب كبرى مثل الحزب الجمهوري الأمريكي، خاصة بعد تعيين رواد هذه الثقافة في إدارة ترامب الثانية، ما يؤشر لتحولها إلى "لغة سياسية جديدة في عصر المنصات".
تعليم السياسة عبر السخرية
كشف تقرير صادر عن "المعهد الأسترالي للشؤون الدولية" أن جيل زد يتعلم السياسة بشكل متزايد عبر الميمز ومقاطع الفيديو القصيرة والمحتوى الساخر، خاصة في ظل تراجع حاد في الثقة بالأحزاب والمؤسسات السياسية التقليدية، وأظهرت نتائج التقرير أن 63% من الناخبين الشباب يعتبرون النشاط الرقمي للسياسيين مؤثراً في خياراتهم الانتخابية، مقارنة بـ47% فقط من عموم السكان.
ويؤكد هذا ما أشار إليه "معهد رويترز لدراسات الصحافة" في تقرير آخر يقول فيه: بينما يتجنب جيل زد استهلاك الأخبار التقليدية وينجذب نحو صانعي المحتوى، فهم لا يزالون مهتمين بالأخبار، لدرجة أن 42% من الناشرين الذين شملهم استطلاع المعهد يعتزمون إطلاق منتجات إخبارية موجهة للشباب هذا العام، تعيد إنتاج المحتوى في صيغ قصيرة، وفيديوهات، وميمز ساخرة.
الميمز مقابل الكاريكاتير
شبّهت صحيفة "ذا بيكون" الطلابية الأمريكية الميمز السياسية بالرسوم الكاريكاتيرية التي هزّت السلطات في أوائل القرن العشرين، مستبدلة الورق بالبكسل والتحرير الصحفي بخوارزميات المنصات.
لكن الفنان الكاريكاتيري السعودي "يزيد الحارثي" يرى فرقاً جوهرياً في حديثه لـ"اندبندنت عربية" وهي أن "الميمز وسيلة لحظية وعابرة.. بينما الكاريكاتير فن راسخ، يحمل قيمة فنية وتاريخية"، موضحا أن الميمز تعتمد كلياً على النص المكتوب وتفقد معناها خارج سياقها اللغوي، بينما الكاريكاتير "رسمة صامتة تعبّر عن القضية دون شرح، فتصل للجميع بغض النظر عن اللغة أو الثقافة".
ويضيف أن سهولة إنتاج الميمز – حيث يمكن لأي شخص ذي حس فكاهي تعديل صورة جاهزة – تفسر انتشارها الواسع، مقارنة بالكاريكاتير الذي يتطلب مهارة فنية وفكرة واضحة وتنفيذاً دقيقاً، لكن تأثير الميمز، بحسب الحارثي، "محدود بزمن الحدث.. تنتشر بسرعة وتتلاشى بسرعة"، بينما الكاريكاتير "يبقى ويتجاوز رسالته حدود اللحظة والجمهور المحلي".
سلاح في وجه الأزمات والحروب
في الأزمات الدولية، تتحول الميمز إلى أداة جماعية للتعليق والتأثير، كما وصفتها "التايمز" البريطانية، أصبحت "لغة جيل زد في مواجهة الحرب والسياسة"، فعندما هدد الرئيس الأمريكي ترامب بضربات على إيران، غمرت منصات مثل "تيك توك" و"إكس" موجة من الميمز تحت وسم #الحرب_العالمية_الثالثة، بمزج بين الرعب والسخرية السوداء: "استعدوا لمغازلة العدو"، "كنت أريد أن أتألق هذا الصيف، لا أن أنفجر".
حتى الصراعات الدامية، كما في الحرب الروسية الأوكرانية أو التصعيد بين إسرائيل وإيران، تحولت إلى ساحات لصناعة الميمز، سواء بسخرية من بوتين أو تصوير زيلينسكي كبطل خارق.
أكثر من مجرد ضحك
الدكتورة "أناستازيا دينيسوفا"، أستاذة الصحافة في جامعة وستمنستر، تشرح هذا التوظيف قائلة: "السخرية في الأزمات تعمل كآلية نفسية لتهدئة التوتر، وتمنح الجيل شعوراً بالسيطرة على الواقع المرعب".
وتضيف أن الميمز أصبحت "جسراً بين من يتابع الأخبار ومن سئم منها". فيما تؤكد الدكتورة "روزاليند ساوثرن"، أستاذة الاتصال السياسي في جامعة ليفربول، أن "الفكاهة كانت دائماً وسيلة لمقاومة السلطة"، وأن جيل زد يستخدمها لرفض السياسات بشكل مباشر وغير تقليدي.
خطر التضليل
لكن "ذا بيكون" تحذر من الوجه الآخر للميمز: فبساطتها وسرعتها الفيروسية تجعلها أداة محتملة للتضليل، حيث يصعب التمييز بين النقد الساخر والمعلومة الكاذبة، وهذا الخطر يزداد مع اعتماد السياسيين أنفسهم على الميمز للتواصل مع الشباب، كما حدث في الحملات الانتخابية الأمريكية، حيث أصبحت مكوناً أساسياً في الرسائل الدعائية.
0 تعليق