مع الشروق : هذه تونس الغائبة عن النشرات السياحية - كورة نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : هذه تونس الغائبة عن النشرات السياحية - كورة نيوز, اليوم الاثنين 21 يوليو 2025 01:59 صباحاً

مع الشروق : هذه تونس الغائبة عن النشرات السياحية

نشر في الشروق يوم 20 - 07 - 2025

2361215
في قرقنة، حين يهمس البحر فجراً لرماله الساكنة، تشعر أنّ تونس تهمس لمن يحبّها، وتكشف عن ملامحها الخفية لمن يعرف كيف ينصت... وفي طبرقة، حين تصحو الصخور على عزف الأمواج، تدرك أن الجمال لا يحتاج إلى إعلان، وأنّ الوطن الذي منحه الله كل هذه الجغرافيا الخلابة، لا يحتاج سوى قليل من الرعاية والتسويق... وكثير من الاحترام.
لكن ما إن تفتح عينيك على واقع الخدمات السياحية في تونس السياحية، حتى يتبخّر شيء من ذلك السحر والجمال الخلاب ، فالأسعار بلا منطق ولا رصانة وهدوء ، والبنية التحتية هشّة متعبة ، والمواطن التونسي، حين يبحث عن عطلة متواضعة، لعائلته يشعر وكأنه ارتكب ذنبًا يستوجب الغفران من الله الغفور الرحيم .. لماذا؟ لأنّه يُعامل أحيانًا كما لو كان سائحًا من الدرجة الدنيا، أو زائراً غير مرحّب به في بلده في وطنه.
نحن في ذروة الصيف والصيف ضيف، لكن الصورة تتكرر كل سنة: لا نقل عمومي مريح أو حتى متوفر ، لا تسويق محلي يُبرز ثرواتنا الطبيعية، ولا مبادرات تشجّع المواطن على السفر داخل وطنه، ولا خدمات بسيطة تحفظ له الحد الأدنى من الكرامة.
الفضاءات السياحية، وإن كانت خلّابة، تُدار أحيانًا بمنطق " السلخ والعصر" وكأن الهدف هو الربح السريع على حساب عائلة محدودة أو متوسطة الداخل تقوم الترفيه على ابنائها المحرومين من كنوز الطبيعة التي منها الله عليهم وعلينا.
والمُؤلم أكثر أن العديد من المهرجانات الصيفية تحوّلت إلى نسخ باهتة مستنسخة من ذاتها بلا رؤية واضحة ولا مضمون يُذكر، والثقافة عند بعض الجمعيات تُقدَّم كمكمّل ترفيهي لا كرافعة حقيقية للسياحة. أما النُزل، فكثير منها يفتقر إلى البسمة، وإلى روح الضيافة التونسية العربية الحقيقية التي تُشعرك بأنك في بيتك، فلا تجد في بعض الفضاء أن السياحية سوى جدران جامدة وصمت يلف المكان.
ومع ذلك، تونس لا تخون من يحبّها.. من خليج غار الملح إلى هدوء الهوارية، من زرقة سوسة والحمامات إلى ألوان قرقنة جربة، من فسيفساء قليبية إلى خزف سجنان، من المهدية الفاطمية إلى ربوع الكاف، تنطق البلاد بكل لهجاتها لتقول: "أنا هنا، رغم كل من لا يراني".
السياحة الداخلية لمن يتجاهل ليست ترفاً، بل هي حقّ لكل مواطن، وهي أيضًا مورد اقتصادي بإمكانه تحريك الدورة المحلية، ودعم أصحاب المشاريع الصغرى، وتغذية الرابط العاطفي بين المواطن وأرضه الحبيبة.
ما نحتاجه ليس أكثر من تنظيم محترم لمشهد سياحي مبعثر.. أسعار معقولة، خدمات مشفوعة بالحب ، وبالأساس: احترام هذا المواطن الذي لا يطلب المستحيل، بل عطلة تُشبه وطنه الدافئ الجميل..
في كلمة، هذا الوطن العريق العزيز يُهدينا كل موسم فرصة لنحبّه ونعشقه أكثر، و من الضروري أن نُعيد التفكير في طريقة إدارتنا لثرواتنا السياحية، لأنّ الجمال وحده لا يكفي لجذب الزائر، بل يجب أن يترافق مع التجربة الكاملة التي يشعر فيها الإنسان أنه محل ترحيب وكرامة.
أما الجمال والسحر فقد تكفّلت به الطبيعة... منذ خُلق هذا المكان ..هذه القطعة من الجنة.
راشد شعور

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق