نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من يحرق مصر؟ تساؤلات حول الحرائق المتزايدة وأبعادها الخفية - كورة نيوز, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 07:53 مساءً
باتت ظاهرة الحرائق المتكررة في مصر، سواء كانت زراعية أو صناعية أو حتى في منشآت حيوية، تثير قلقًا متزايدًا وتفتح الباب على مصراعيه أمام العديد من التساؤلات، هل هي مجرد حوادث عارضة تقع ضمن نطاق الإهمال البشري أو الظروف المناخية؟ أم أن هناك أبعادًا أعمق تتجاوز السطح، لترتبط بمخططات تستهدف استقرار الوطن وزعزعة أمنه؟.
لقد استلهمنا هذا المقال من وحي الحلقة الأخيرة التي قدمها الأستاذ مصطفى بكري، رئيس تحرير الأسبوع، في برنامجه الأسبوعي، والتي ربط فيها هذه الحرائق بشبهة وجود مؤامرة ممنهجة ضد مصر وقيادتها السياسية، ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، هذا الربط ليس وليد الصدفة، بل يستند إلى قراءة واقعية لتحديات إقليمية ودولية تواجهها الدولة المصرية في ظل سعيها الحثيث نحو التنمية والاستقرار.
الاحتمالات المطروحة: قراءة في المشهد
لتحليل هذه الظاهرة، لا بد أن نطرح عدة تساؤلات رئيسية ونستعرض الاحتمالات المختلفة التي قد تفسر هذه الحرائق:
1- الإهمال وسوء الإدارة
لا يمكن إنكار أن بعض هذه الحرائق قد تكون ناتجة عن إهمال فردي، أو نقص في إجراءات السلامة، أو حتى ظروف مناخية قاسية مثل ارتفاع درجات الحرارة، ولكن، هل يمكن أن يفسر ذلك الحجم المتزايد والتزامن الغريب لبعض هذه الحوادث؟ هذا يقودنا إلى التساؤل عما إذا كان هناك استغلال لهذا الإهمال لتحقيق أهداف أخرى.
2- الأيادي الخارجية ومحاولات زعزعة الاستقرار
تظل فكرة المؤامرة الخارجية حاضرة بقوة، خاصة في ظل موقع مصر الجيوسياسي ودورها المحوري في المنطقة، من قد يكون المستفيد من إشعال الفوضى في مصر؟.
الكيان الصهيوني: في ظل التطورات الإقليمية الراهنة، لا يمكن استبعاد محاولات الكيان الصهيوني لضرب استقرار الدول المحيطة، وتحويل الأنظار عن قضاياه الداخلية، أو حتى معاقبة مصر على مواقفها السيادية، هل يمكن أن تكون هناك خلايا نائمة أو محاولات للتجنيد أو الدعم اللوجستي لعمليات تخريبية؟.
عناصر هاربة وتنظيمات إرهابية: إن العناصر الهاربة في الخارج، سواء من جماعة الإخوان أو غيرها من التنظيمات المتطرفة، والتي تتخذ من دول مثل سوريا، ليبيا، والسودان ملاذًا أو نقطة انطلاق، تسعى باستمرار لزعزعة الأمن في مصر، هل يمكن أن تكون هذه الحرائق جزءًا من مخطط إرهابي أوسع؟.
3- حرب الجيل الرابع
البعض يرى أن ما يحدث هو جزء من «حرب الجيل الرابع» أو «الحرب الهجينة» التي لا تعتمد على المواجهة المباشرة، بل على ضرب استقرار الدول من الداخل، من خلال استهداف الاقتصاد والبنية التحتية وإثارة القلاقل، الحرائق في هذه الحالة تكون أداة رخيصة وفعالة لنشر الذعر وإحداث خسائر مادية ومعنوية كبيرة.
الضرورة الوطنية: التحقيق والتوعية أيًا كانت الأسباب، فإن خطورة هذه الحرائق تكمن في تأثيرها المباشر على الاقتصاد الوطني، والثروات الزراعية والصناعية، والممتلكات الخاصة والعامة، بالإضافة إلى زعزعة شعور المواطن بالأمان. من هنا، يصبح لزامًا على الدولة ومؤسساتها المعنية:
التحقيق الشفاف والعميق: يجب تكثيف التحقيقات الشاملة والشفافة و التي تعودنا عليها من أجهزة الدولة في كل حادث حريق، لكشف الأسباب الحقيقية، وتحديد ما إذا كان هناك أي بعد جنائي أو تخريبي.
التوعية المجتمعية: توعية المواطنين بخطورة الإهمال، وأهمية الإبلاغ عن أي سلوكيات مشبوهة، وترسيخ الوعي بضرورة حماية الممتلكات العامة والخاصة.
تعزيز الإجراءات الوقائية: مراجعة وتحديث إجراءات السلامة والأمان في كل المنشآت والمرافق، ورفع كفاءة فرق الدفاع المدني والجهات المعنية بمكافحة الحرائق.
اليقظة الأمنية: تعزيز اليقظة الأمنية والاستخباراتية لرصد أي مخططات تستهدف البلاد من الداخل أو الخارج.
الجماعات الإرهابية: تاريخ من الغدر والمؤامرات
لم تكن مصر غريبة عن مواجهة الإرهاب والتطرف، فالتاريخ الحديث يشهد على محاولات مستمرة من جماعات تتستر بالدين لتدمير الأوطان وخدمة أجندات خارجية. لم تتوقف هذه الجماعات عن استهداف مصر، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر عمليات عنيفة أو محاولات إثارة الفوضى.
على سبيل المثال، شهدت مصر في تسعينيات القرن الماضي موجة من الإرهاب الأسود استهدفت السياحة والبنية التحتية، وهو ما يذكرنا بحادثة الأقصر عام 1997 التي كشفت عن وحشية هذه الجماعات، وكذا استهداف المنشآت الحيوية في القاهرة والجيزة آنذاك، وهي حوادث لم تكن بمعزل عن محاولات إضعاف الدولة، واستخدمت فيها تكتيكات متنوعة، بما فيها إثارة الحرائق أو استغلالها لزيادة الارتباك.
في الآونة الأخيرة، بعد ثورة 30 يونيو 2013، ظهرت جماعات مثل "حسم" و"لواء الثورة" كأذرع إرهابية لجماعة الإخوان، نفذت عمليات اغتيال وتفجيرات استهدفت رجال الجيش والشرطة والمنشآت الأمنية، في محاولة يائسة لعرقلة مسيرة التنمية وإرباك المشهد.هذه الجماعات، وغيرها من الكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة وداعش، تسعى إلى خلق حالة من عدم الاستقرار واليأس، والحرائق قد تكون أداة جديدة ضمن أدواتها الخبيثة.
وفي هذا السياق، تؤكد الأجهزة الأمنية المصرية أنها تتعامل بكل جدية مع أي شبهة جنائية أو تخريبية في حوادث الحرائق، فالكثير من التقارير الأمنية تشير إلى أن بعض الحوادث، وإن بدت عارضة، إلا أنها قد تكون جزءاً من مخطط أوسع. فالتاريخ الحديث للإرهاب في مصر يحمل في طياته شواهد متعددة على استهداف الجماعات المتطرفة للمنشآت الحيوية والاقتصادية، فمن استهداف أبراج الكهرباء وخطوط الغاز في فترات سابقة، إلى محاولات إحداث تفجيرات في مناطق مختلفة، كانت هذه الجماعات تسعى دائمًا إلى إشعال الفوضى. واليوم، قد تكون الحرائق أداة جديدة ضمن أدواتها الخبيثة لضرب استقرار الوطن.
صمود الدولة ونجاحات كبرى في مواجهة الإرهاب
ورغم هذه التحديات، أثبتت الدولة المصرية، تحت القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي، صلابة وقدرة هائلة على التصدي للإرهاب والتطرف. لقد قادت القوات المسلحة ووزارة الداخلية، وعلى رأسها قطاع الأمن الوطني، حرباً ضروساً ضد هذه الجماعات الإرهابية، وحققت نجاحات كبرى في استئصال شأفتها وتفكيك خلاياها.
إن تضحيات الشهداء الأبرار من رجال الجيش والشرطة، الذين رووا بدمائهم تراب هذا الوطن، لم تذهب سدى. فبفضل بطولاتهم ويقظة الأجهزة الأمنية، تم إحباط العديد من المخططات الإرهابية، وتأمين الحدود، وتجفيف منابع التمويل والدعم لهذه الجماعات. هذا الصمود، والتخطيط الاستراتيجي لمواجهة الإرهاب، انعكس في استعادة الأمن والاستقرار في معظم أنحاء البلاد، مما مكن الدولة من الانطلاق نحو مشروعات التنمية العملاقة.
إن وعينا بالتهديدات المحيطة، وتحليلاتنا العميقة، ووحدتنا الوطنية هي السلاح الأمضى في وجه كل من يحاول إحراق وطننا. فلنعمل جميعاً على حماية مصر، وتفويت الفرصة على كل من يتربص بها، لأننا جميعاً شركاء في بناء وحماية هذا الوطن العظيم.
0 تعليق