دينا الحسيني تكتب: من التحرر إلى التنمية الشاملة.. قصة الدور المصري في أفريقيا - كورة نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
دينا الحسيني تكتب: من التحرر إلى التنمية الشاملة.. قصة الدور المصري في أفريقيا - كورة نيوز, اليوم الأحد 13 يوليو 2025 07:05 مساءً

في وقت تتشابك فيه التحديات الاقتصادية والسياسية حول العالم، وتزداد حدة الأزمات المناخية والصراعات المسلحة، يبرز الدور المصري في إفريقيا كضرورة لا خيار، لبناء شراكات قائمة على المصالح المتبادلة، لا التبعية، وعلى التنمية المستدامة لا الاستغلال الظرفي.

ما قدمته مصر في أعمال الدورة السابعة لاجتماع القمة التنسيقي لمنتصف العام للاتحاد الأفريقي، والذي انعقد اليوم، وما تطرحه من مبادرات متواصلة، ليس إلا محطة جديدة في مسار طويل من العمل المشترك، يؤكد أن الريادة المصرية في إفريقيا لم تنقطع، بل تتجدد دومًا بما يتناسب مع مكانة مصر ومسؤولياتها التاريخية والقارية.

يمتاز الدور المصري في القارة بأنه لا يقوم على فرض النفوذ أو الوصاية كما تفعل بعض القوى الدولية أو الإقليمية، بل ينبع من إدراك استراتيجي بأن مستقبل مصر يرتبط عضويًا بمستقبل القارة، وأن التكامل الأفريقي هو السبيل الحقيقي لمواجهة التحديات العابرة للحدود، من الإرهاب إلى تغير المناخ.

وإذا كانت بعض القوى تتعامل مع إفريقيا كساحة تنافس أو مجال نفوذ، فإن مصر تتعامل معها كشريك أصيل، وتؤمن بأن التنمية الحقيقية لا تُفرض من الخارج، بل تُبنى من الداخل، من خلال دعم القدرات الوطنية وتمكين الشعوب. وهذا ما تؤكده القاهرة باستمرار عبر سياسات واقعية ومواقف تتجاوز الشعارات إلى الفعل والتنفيذ والالتزام طويل المدى.

جاءت مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، في القمة التنسيقية السابعة للاتحاد الأفريقي، لتجدد التأكيد على الحضور المصري الفاعل في الشأن القاري، وتسلط الضوء على رؤية مصر المتكاملة لتحقيق التنمية، وتعزيز التكامل بين دول القارة، في ظل تحديات إقليمية ودولية متزايدة.

وفي كلمته، بصفته رئيس اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي «نيباد»، أكد الرئيس أن إفريقيا، رغم أزماتها التمويلية والتنموية والمناخية، ما زالت تملك فرصًا واعدة للنمو والازدهار، إذا ما تم استثمارها في إطار من التعاون والتكامل والاعتماد المتبادل.

هذه المشاركة لم تكن حدثًا بروتوكوليًا، بل امتدادًا طبيعيًا لدور مصري عميق ومتجذر في القارة، بدأ منذ فجر حركات التحرر الوطني في الخمسينيات والستينيات، حين كانت القاهرة قبلة للمناضلين الأفارقة، واستمر عبر عقود من التعاون السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، قبل أن يستعيد زخمه بقوة في السنوات الأخيرة، مع إعادة صياغة السياسة المصرية تجاه القارة.

منذ عام 2014، أعادت مصر تموضعها الاستراتيجي في إفريقيا، ليس فقط من خلال استعادة حضورها داخل الاتحاد الأفريقي، بل عبر تقديم نموذج عملي في دعم أجندة القارة التنموية 2063، والمشاركة النشطة في مبادرات حفظ السلام والأمن، وإطلاق مشروعات ومبادرات ملموسة في مجالات الصحة والتعليم والطاقة، والمساهمة في جهود الوساطة وحل النزاعات، فضلاً عن تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع عدد كبير من الدول الأفريقية.

وقد شكلت رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي عام 2019 نقطة تحوّل بارزة، دفعت القاهرة إلى إطلاق مبادرات نوعية مثل آلية “إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات”، وتنظيم “منتدى أسوان للسلام والتنمية”، فضلًا عن دعم مشروعات الربط الإقليمي، مثل طريق “القاهرة–كيب تاون”، وتوسيع برامج المنح والتدريب للكوادر الأفريقية بالمؤسسات المصرية.

بالتوازي مع ذلك، تضطلع مصر بدور محوري في ملفات التمويل التنموي، ومواجهة تغير المناخ، وتنمية رأس المال البشري، وهي أولويات أكد عليها الرئيس السيسي اليوم في كلمته، مشيرًا إلى أنها تمثل جوهر عمل اللجنة التوجيهية لـ«نيباد» برئاسة مصر.

إن عودة مصر القوية إلى إفريقيا لم تكن مجرد تحرك دبلوماسي، بل تعبير عن فهم عميق بأن أمن واستقرار القارة جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وأن أي تنمية حقيقية داخل مصر لا يمكن أن تنفصل عن محيطها الأفريقي، تمامًا كما أن مستقبل إفريقيا لا يُرسم بمعزل عن القاهرة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق