هل حاول يزيد بن معاوية اغتيال الإمام الحسين في الحجاز؟ - كورة نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل حاول يزيد بن معاوية اغتيال الإمام الحسين في الحجاز؟ - كورة نيوز, اليوم السبت 5 يوليو 2025 10:20 صباحاً

حيدر كرنيب

لقد كان رفض الإمام الحسين، لخلافة يزيد بن معاوية، بمثابة حجر العثرة لدى هذا الأخير، الذي لم يجد بدّاً من قتال من يُعارض خلافته. الإمام الحسين كان واضحاً في موقفه منذ البداية، فهو لم يكن مستعدًّا لمبايعة يزيد تحت أي ظرف من الظروف، وكان لأبي عبد الله مبرّراته الصحيحة حيال هذا الموقف. وهذا ما جعل يزيد، يُدبّر المكائد لاغتيال الإمام الحسين، فما الذي حدث تحديدًا؟

الرسالة التي بعث بها يزيد إلى الوليد بن عتبة ،والي المدينة، كانت بمثابة الشرارة الأولى في هذه القصة، حيث أمره بأن يأخذ البيعة من الإمام الحسين، أخذًا غليظًا، وإن أبى ذلك فعليه أن يقتله¹… كما أشار مروان بن الحكم على الوليد أن يقتل الحسين على الفور إن رفض البيعة².

أحسّ الحسين عليه السلام، بخطورة الوضع عندما أرسل الوليد في طلبه، بعد منتصف الليل، وبدا هذا واضحًا في كلامه مع عبد الله بن الزبير، فقد استيقن الحسين بأن معاوية قد مات قبل أن يُخبره أحد بذلك، وإلا فلماذا أرسل والي المدينة في طلبه بعد منتصف الليل³؟

اتجه الحسين إلى بيت الوليد، بصحبة عدد من الهاشميين الذين خرجوا لحمايته من أي خطر قد يُهدّد حياته⁴… فإن الخروج من مجلس الوليد دون مبايعة يزيد، تعني خطورة التعرض لمحاولات الاغتيال في أي لحظة.

عندما اجتمع الوليد بالحسين، لم يخبره مباشرة بأن يزيد قد أعطى الأوامر بقتله إن رفض النزول على طاعته، ولكن كلام مروان بن الحكم، الذي كان حاضراً معهما في المجلس، كان واضحًا ولا يحتاج إلى تفسير، إذ حاول أن يُكره الحسين على البيعة، فما كان منه إلا أن حاول تهديد الإمام عبر كلام قاله للوليد، حيث أكد له بأن امتناعه عن البيعة سيؤدّي إلى سفك الدم حتماً … فقال له الحسين: أتريد قتلي؟ كذبت والله يا ابن الحكم.”⁵

بعد تلك الحادثة، تيقّن الإمام الحسين بأن المدينة لم تعد مكانًا آمنًا، وأن أنصار يزيد ومروان بن الحكم قد يتعرّضوا لحياته ولحياة أهله وأصحابه في أي وقت، فقرّر التوجه إلى مكة، وكان ذلك يوم الثامن والعشرين من رجب⁶…

قد يرى البعض أن خروج الإمام الحسين إلى مكة، كان بهدف تأدية مناسك الحج فقط. ومن الممكن يكون هذا الكلام منطقيًّا إلى حدٍّ ما، ولكن خروجه إليها قبل موسم الحج بأربعة أشهر، يجعلنا نُفكّر مليًّا في مسألة محاولته حقن الدم في المدينة قدر المستطاع.

بعد أن وصل الإمام الحسين إلى مكة، علم يزيد بذلك، وشرع يُفكّر في طريقة يتخلّص فيها منه وإن كان ذلك في مكة المكرمة… فقام بعزل والي مكة، واستبدله بعمرو بن سعيد بن العاص⁷، وطلب منه أن يقتل الحسين. وتزامن ذلك مع وصول كتب أهل الكوفة إلى الإمام الحسين. وكان من الأمر ما هو معروف من إرسال مسلم بن عقيل إلى الكوفة لكي يتأكد من صحة هذه الكتب…

إن الفترة التي أمضاها الإمام الحسين في مكة، والتي تزامنت مع خروج مسلم إلى العراق، كانت خطيرة جدًّا على حياته، فهذا عمرو بن سعيد يتربّص به شرًّا، ويتحيّن الفرصة لقتله…

وعندما وصلت رسالة مسلم إلى الإمام، قرّر أن يسير إلى الكوفة، فحاول عدد من أهل الحجاز ثنيه عن ذلك، مؤكّدين له بأن الذين كتبوا له قد ينقلبون عليه⁸، ولكن بصيرة الإمام الحسين فاقت كل البصائر، فكان الخروج إلى العراق أمرًا لا بد منه لسببين رئيسيين يرد بهما على كل من خاف عليه من أهل الكوفة. أما الأول فكان حرصه على أن لا تنتهك حرمة الكعبة ومكة بسفك دمائه فيها، فقد كان الموت بعيدًا عنها بشبر أحب إليه من الموت فيها⁹. أما السبب الثاني فهو الرؤية التي رآى فيها الإمام جدّه النبي محمد، والتي أبى أن يُحدّث بها أحدًا¹⁰. أي أنه كان يعلم- وحده على الأقل- المصير الذي ينتظره…

تأكّدت محاولة يزيد لاغتيال الإمام الحسين، عندما قام عمرو بن سعيد بن العاص، بإرسال رجاله لقطع الطريق على القافلة الحسينية، عندما كانت تخطو خطواتها الأولى نحو الكوفة… وتأكدت رغبة الإمام الحسين بعدم سفك الدماء في مكة من خلال الطريقة التي واجه بها هؤلاء الرجال الذين اعترضوه وحاولوا قتله، فهو وأصحابه لم يلجؤوا لقتالهم بالسيف، بل جالدوهم بالسياط، إلى أن كشفوهم ومضوا في طريقهم¹¹، فقتال السيوف سيؤدّي بالضرورة إلى إراقة الدماء.

حاول بعد ذلك عمرو بن سعيد أن يتصل بالحسين ليُمنّيه السلامة، حيث أرسل له رسولًا بعد أن ابتعدت قافلته عن مكة مسافة بضعة أيام، ولكن الإمام الحسين كان نافذ البصيرة، فهو كان يعلم أن هذه قد تكون مكيدة، بالإضافة إلى ضرورة سيره إلى الكوفة استجابة منه لكتب أهلها، وإن كانوا سينكثون العهد بعد ذلك، وبالتالي لم يستجب لرسول عمرو بن سعيد¹²…

في الختام، لم يكن خروج الحسين من الحجاز إلى العراق إلا الصواب بعينه، ولو سلّمنا جدلًا بأن الحسين لم يكن يعلم بأنه مقتول إن سار إلى العراق، فإن البقاء في الحجاز لم يكن خيارًا آمنًا على الإطلاق، في ظل وجود عمرو بن سعيد في المدينة ومروان بن الحكم في مكة، وكما قال الإمام الحسين: إن الموت بعيدًا عنها بشبر أحب إلي من أن تستحل حرمتها بدمي¹³”. يعني مكة.

الهوامش:

1) مقتل الخوارزمي ـ الجزء الاول ـ ص: 262
2) مقتل الخوارزمي ـ الجزء الاول ـ ص: 263
3) الفتوح لابن أعثم – الجزء الخامس -ص:12
4)الكامل في التاريخ -الجزء الثالث -ص 378
5)الفتوح لابن أعثم الكوفي-الجزء الخامس -ص: 14
6) مقتل أبي مخنف ـ ص:7
7)مقتل الخوارزمي ـ الجزء الاول ـ ص 276
8) الفتوح لابن أعثم -الجزء الخامس -ص:64
9) مقتل أبي مخنف ـ ص: 67
10)الكامل في التاريخ -الجزء الثالث -ص 402
11) مقتل الخوارزمي ـ الجزء الاول ـ ص: 317
12) مقتل أبي مخنف ـ ص: 69
13) مقتل أبي مخنف ـ ص: 67

المصدر: موقع المنار

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق