نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترهيب المجتمع والحوثيون الشموليون: حين يختلط الدجل بالديكتاتورية - كورة نيوز, اليوم السبت 5 يوليو 2025 12:40 مساءً
صعد الحوثيون إلى الواجهة بوجه يحمل شعارات الثورة، وقلبٍ يعج بأدوات القمع، وعقل مهووس بإعادة الزمن إلى الوراء، إذ يحكم "السيد" ويتبع "الرعية" فقط!
وطبعا لا شيء يرمز إلى الشمولية أفضل من هذه الحالة: فالح..وثي ليس مجرد فصيل مسلح، بل آلة أيديولوجية مصممة بدقة لابتلاع المجتمع ثم إعادة تشكيله وفق قالب طائفي متخشب.
ففي كل حي من صنعاء، في كل قرية من صعدة إلى الحديدة، يتحرك "مشرف" حوثي كظل ثقيل فوق الناس، يمارس سلطته ليس عبر القانون، بل عبر الخوف، والتجسس، و"الدورات الثقافية" التي تشبه معسكرات إعادة البرمجة الفكرية في كوريا الشمالية.
حتى اللغة تغيرت؛ فالمواطن صار "عنصرا"، والاعتراض صار "خيانة"، والدولة صارت "اللجنة"، أما القائد فـ"السيد القائد"، وكأن اليمن بحاجة إلى لقب جديد بدلا من رائحة البارود التي تسكنها منذ سنوات.
وهكذا :
أطلق الحوث..يون برنامجهم الشمولي تحت غطاء محاربة "العدوان"، لكن الواقع يقول إنهم يحاربون كل مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية. الصحف أُغلقت، النقابات تلاشت، الأحزاب تعطلت ، المساجد استبيحت، النساء حوصرت، الجامعات والمدارس أُعيدت برمجتها لتُنتج جيلا جديدا من المسبحين بولي الفقيه.
بمعنى أدق إنهم لا يسيطرون فقط على الأرض، بل على الوعي، كأنهم نسخة محدثة من الستالينية، لكن بعمامة وبندقية روسية مستعملة.
والشاهد أن ترهيب المجتمع ليس مجرد ممارسة عرضية، بل عقيدة ح...وثية راسخة.
كل ساكن في مناطق سيطرتهم يعيش بين خوفين: خوف من الجوع، وخوف من "الزيارات الليلية" للمسلحين الذين لا يعرفون الفرق بين معارض ومندس، بين صحفي وجاسوس. في نظرهم، الكل متهم حتى يثبت ولاؤه، والولاء يُقاس بعدد الصرخات في المسيرة، لا بمقدار خدمة الوطن.
والطريف - أو المؤلم - أن هذا المشروع الشمولي يقدم نفسه كمنقذ، ويقول لك إن هذا القمع هو "حماية للسيادة" و"تصحيح للمسار". إنهم يشبهون الطبيب الذي يعالج الحمى بحرق الجسد. ومن شدة احتقارهم للعقل، يتحدثون عن "الكرامة" وهم يسوقون الشباب إلى الجبهات كالنعاج، وعن "العدالة" وهم يصادرون أموال الخصوم ويحاكمونهم في محاكم تفتيش باسم "الزكاة".
على إن التاريخ سيذكر الح...وثيين لا كمناضلين بل كعقبة من أعقد عقبات اليمن الحديث. فهم يمثلون الوريث غير الشرعي لقرون من الاستبداد، وقد جاءوا في لحظة تاريخية مريرة ليعيدوا فرض الصمت على شعبٍ بالكاد بدأ يسترد صوته.
لكن المجتمع ليس هشا كما يظنون. فهناك مقاومة صامتة، رفض داخلي، ومجتمع يطهو الثورة على نار هادئة. فكما انتهت مشاريع الاستبداد الأخرى في العالم، سيأتي يوم تُخلع فيه لافتات الصرخة، وتُعاد للناس حريتهم المختطفة، ويعود اليمني مواطنا لا "تابعا"، حرا لا "عنصرا".
وبينما يكتب الح..وثي سرديته بالرصاص والترهيب اليوم، سيكتب الشعب يوما تاريخه بالدم والدمع… والضحك الساخط، على مشروع لم يفهم أبدا أن اليمن لا يُحكم بالخوف، بل بالعدل.
نقلا عن صفحة الكاتب في فيسبوك
0 تعليق